Monday 28 January 2013

نبذة من تاريخ النصيرات


بسم الله الرحمن الرحيم

نبذة عن عشيرة النصيرات في الأردن

تنتسب عشيرة النصيرات في الأردن إلى جدها نصير (أو النصير)، الذي ينتسب إلى زايد الرولة (وهو جد مشترك مع محمد الشعلان – جد آل الشعلان، أمراء الجوف)، ويعودون إلى الجلاس إلى مسلم إلى أسد إلى ربيعة إلى نزار إلى معد إلى عدنان، جد العرب العدنانيين. وكانوا يسكنون الجوف، شمال السعودية الآن، وكثير منهم الآن يسكن سكاكة في الجوف. وجد نصيرات الأردن هو نصير بن توبة. ومن أحفاده فرعان: أحدهما جده علي، وآخر جده عباس.

وجاء ابراهيم بن احمد بن مصطفى بن علي بن نصير إلى الحصن (وكانت عامرة) قبيل منتصف القرن الثامن عشر. وسرعان ما صدر فرمان بتعيينه شيخا على قرية الحصن، كما توضح ذلك وثيقة عثمانية تاريخها 19 رمضان 1180 هـ الموافق 18 شباط 1766 م. وجاء إلى الحصن بعيد 1770 أحمد بن ظاهر العمر، وبدأ بناء قلعة على ظهر التل، ولكنه هرب قبل إتمامها، وانتقل إليها الجد ابراهيم حوالي 1774، وسكنها. وتولى الزعامة بعده ابنه الأكبر محمد، الذي استدعي إلى دمشق، ربما في بداية القرن التاسع عشر. وفي طريقه إلى دمشق، نزل ضيفا على آل البكري في الحرجلة (قريبا من الكسوة)، وتزوج إحدى بناتها؛ وحملت منه، ونسله هناك. ومات في أثناء عودته من دمشق وقبره في الصنمين. وتولى الزعامة بعده أخوه كايد، الذي قتل غدرا سنة 1825. وتولى الزعامة بعده ولداه عبد الرحمن وسعد. وذكر كل من بيركهارت (1812) وبكنجهام (1821) في أثناء زيارتهما للحصن أن بيت الشيخ على التل. وغزا ابراهيم باشا سورية سنة 1831، ودخل عبد الرحمن في حلف مع ابراهيم مرحبا به. ولذلك لم يشارك في الثورة على ابراهيم مع عدد من مشايخ شمال الأردن، الذين قهرهم المصريون، وأعدموا بعضهم.

أما النصيرات من فرع فليح ونصيرات مندح وصما وآل أبو عين، فهم من الجد مهنا بن مصطفى بن عباس، ثم من نصير. وأول ذكر لفليح في الحصن كان في سنة 1825. وجد آل أبي عين هو بركات، واستدعاه عبد الرحمن إلى الحصن. وقتل في أرض الحبيس (غرب الحصن) عند رجم سمي باسمه (رجم بركات) بقي معلما حتى ثمانينات القرن الماضي. لكن نسله عاش في ناطفة، ومنهم معالي الدكتور قاسم مصطفى أبو عين. ووجدت في أوراق سلطي باشا الأيوب، أن عبد الرحمن نصير قدم من صما سنة 1850 (ربما كان في ضيافة أقربائه)، وقيل له إن أيوب نويصر مات، فدخل عليه وهو مسجى مكحل العينين، فقال عبد الرحمن: إنه أزين من يوم ما زفوه من سوم (الشناق).

وربما في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، طلب عبد الرحمن من أخيه سعد أن يذهب إلى ناطفة التي كان سكنها أبناء عمه أحمد وتكاثروا فيها. وصار سعد شيخا على ناطفة، إلا أن قبره في مرو (شرق اربد). وخلفه في زعامة ناطفة ابنه محمد، الذي أعقب أربع بنات، دون ذكر. وعاش أكثر النصيرات من فرع مهنا في سال (شرق اربد)، إضافة لمندح وصما.

وفي الربع الأخير من القرن الثامن عشر، اشتهرت الحصن بالأمن وحسن الجوار. فارتحل إليها عدد من عشائر النصارى، كان أولاها آل غنما، جاؤوا من فيق، وأصلهم من الكرك؛ ثم آل أيوب، وجاؤوا من سوم وأصلهم من عولم، بجانب الناصرة. ثم توالى مجيء العشائر النصرانية حتى صاروا أغلبية القاطنين في الحصن. وبنيت كنيستا الروم الأرثوذكس، واللاتين في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وبدا التعليم التابع للكنائس منذ ذلك الحين. إلا أن الدولة العثمانية أنشأت في الحصن مدرسسة رشدية حوالي 1894. بلغ سكان الحصن حوالي 1890 ثلاثة آلاف، بينما كان سكان اربد (حاضرة سنجق عجلون) ثلاثمئة. بل صدر فرمان عثماني بنقل مركز السنجق إلى الحصن، إلا أن معارضة الموظفين (وكان لهم في اربد دكاكين تؤجر)، وزعامات الحصن أبطل تنفيذ الفرمان. وصار في الحصن بلدية، وكان أول رئيس لها هم عقلة أفندي نصير سنة 1910.

ومع الزمن صارت مشيخة بني عبيد، أكثر الأوقات، في شيوخ آل نصير : عبد الرحمن، فابنه فنيش (ت 1888)، فأخوه جبر (ت 1906)، وعين مستنطقا أيضا، فأخوه محمد (ت 1911)، فمحمود فنيش. ولمحمود موقف مشرف في بداية الحرب العالمية الأولى. فقد جمع القائد التركي جمال باشا (الصغير) شيوخ حوران في درعا، وأعلمهم بأن الدولة العلية في حرب مع الكفار، وأنه ستأخذ أبناءهم ومواشيهم وحبوبهم. ولما لم يعترض أحد على هذا القول، وكان محمود أصغر القوم، طلب الإذن بالكلام، فأذن له. فقال محمود: نحن مع الدولة العلية، ونقدم كل ما نستطيع لمجهودها الحربي. ولكن أذكر الباشا بأنه إذا أخذ كل شيء فسيأخذ مرة واحدة، أما إذا أخذ شيئا وترك شيئا فإنه سيأخذ كل سنة. فأعجب جمال باشا بقوله وقربه إليه في المجلس. وربما كانت هذه الكلمة سببا في تجنيب سكان حوران مجاعة كالتي تعرض لها جبل لبنان في الحرب العالمية الأولى.

وجاء الشريف الحارثي مندوبا عن الشريف فيصل في أثناء نهضة الشريف حسين ضد الأتراك. واستقبله محمود أفندي وأهل الحصن. وشارك محمود في المؤتمر السوري الذي نادى بفيصل ملكا على سورية في 8 آذار 1920. وفي فترة غياب الدولة (1918-1920)، وظهور عدة حكومات محلية في الأردن، شارك عقلة نصير في حكومة كليب الشريدة وكان مركزها دير يوسف. ودخلت الحصن في دولة شرق الأردن التي وضع الأمير عبد الله بن الحسين أميرا عليها منذ أواخر آذار 1921. وجرت انتخابات أول مجلس تشريعي في الإمارة سنة 1928، وانتخب عن لواء عجلون عقلة باشا نصير. ثم مثل محمود باشا فنيش لواء عجلون في المجلس التشريعي أغلب الدورات التالية حتى وفاته سنة 1942. وكانت رئاسة بلدية الحصن لآل نصير لفترات طويلة.

ساهم آل نصير في بناء الأردن. وأول أردني دخل الكلية الحربية، بصحبة الأمير طلال، كان ساري محمود فنيش. وصار بعدها ضابطا في الجيش العربي. وتطوع مع جيش الإنقاذ في حرب فلسطين، وغدر به أديب الشيشكلي في حادثة لم تعرف جميع تفاصيلها. وقد وصل سعود نصير ( من نصيرات ناطفة) إلى رتبة فريق في سلاح الجو الأردني وصار قائدا له. ثم صار وزيرا للنقل في عدة وزارات. كما أن الدكتور قاسم أبا عين صار وزيرا في حكومة الدكتور عبد السلام المجالي (أواسط تسعينات القرن الماضي). ووصل محمود فالح  الخطيب إلى رتبة لواء في المخابرات العامة، وصار أحد نواب المدير.

وللنصيرات وجود خارج الأردن. فهم في إبطع والحرجلة في سورية. وعاشوا في العوجا (بجانب أريحا في فلسطين) بهذا الإسم، ونزح عدد منهم بعد 1967 إلى مخيم البقعة، ومنهم من يعيش في أم السماق (عمان) ومرج الحمام. ومنهم فروع في نعلين وشويكة (ولا يستعملون اسم نصير)، ونزح عدد منهم إلى الأردن. كما أن للنصيرات وجودا قويا في قطاع غزة. وقد عمل زعيمهم المرحوم فريح المصدر منذ ثلاثينات القرن الماضي على توطينهم في أراض صارت لهم. على أن المخيم أقيم على قطعة من أراضيهم. ولا يسكن أحد من النصيرات في هذا المخيم، ونصيرات مصر يعدون بعشرات الألوف، وكانوا أصلا من سكان طنطا. وقد عين الدكتور محمد مرسي مؤخرا الدكتور عبد الدايم نصير عضوا في مجلس الشورى.

No comments: