Tuesday 26 March 2013

الدل الناعس

الدكتور عبد المجيد نصير الدل الناعس ديوان شعر جميع الحقوق محفوظة 1428هـ، 2007مـ الإهداء إلى جميع ملهماتي تجربتي مع الشعر نشأت في بيئة تحب الشعر . فقد كنت أسمع والدي ، رحمه الله ، يترنم بأبيات من الشعر مما حفظه أيام المدرسة . وأتذكر منها البيتين ، الأول: علو في الحياة والممات وحقك تلك إحدى المعجزات والآخر : غيري يغيره الفعال الجافي ويحول عن شيم الكريم الوافي وزاد شغفي بالشعر وحفظه مما كان مقررا في دروس المحفوظات ، أو مما كنت أقرأ في بعض الكتب المدرسية وغيرها. بدأت محاولاتي في قرض الشعر بعد العدوان الثلاثي على مصر في تشرين الأول عام 1956 . أبيات بين الحين والآخر ، بعضها موزون وبعضها غير ذلك . وفي السنة الثانية من مرحلة الدراسة الثانوية ، صرت أكتب قصائد وأبياتا في موضوعات متنوعة . ولا شك أن بعضها في الغزل ، في تلك الفتاة التي كانت تركب الحافلة صباحا ذاهبين إلى إربد . وذهبت إلى الجامعة الأمريكية في بيروت في خريف سنة 1958 ، وكنت أترنم ببيت إبراهيم طوقان : أول عهدي بفنون الهوى بيروت، أنعم بالهوى الأول لكن عهدي الأنضج في الشعر كان في مرحلة دراسة الماجستير ( 1964 – 1966 ) ، كما يلاحظ من كثير من قصائد هذا الديوان . وواصلت مسيرة الشعر وأنا في الولايات المتحدة الأمريكية . وفي بيروت ، اخترت عنوان الديوان ( الدل الناعس) . لكني بقيت مترددا في نشر الديوان أو حتى بعض القصائد ، وإن كنت قد شاركت في بعض الأمسيات الشعرية ، أو في تلاوة بعض القصائد على مسامع عدد قليل من الأصحاب . ومنذ سنتين عزمت على نشر أول ديوان ، بتقديمه لوزارة الثقافة أو جهة أخرى رسمية ، أو حتى على حسابي الشخصي . ومع فوز مدينة إربد بجائزة مدينة الثقافة الأردنية لعام 2007 ، وعزم اللجنة المسؤولة على نشر بعض الدواوين ، رغبت في نشر أول ديوان لي . ثم شجعني الأستاذ محمود فضيل التل على تقديمه للجنة للنظر فيه وإمكانية نشره . ولقد فرحت بموافقة اللجنة على نشره ، وأغتنم الفرصة لأقدم الشكر لمن راجع الديوان ولما قدم من ملاحظات مفيدة . على أني أتحمل المسؤولية كاملة فيما بين دفتيه . آمل ان يتذوق القارئ شعري كله أو بعضه . وها هي صفحات من حياتي أنشرها مع بعض التردد . لكني أريد أن تتنفصل عني لتعيش مستقلة . والكلمة كالطفل ، تبقى لمدة قصيرة أو طويلة في حضن صاحبها . لنكها ستصل إلى مرحلة الفطام والاستقلال. وكما قال الأول " إذا بقيت الكلمة داخلي فأنا ملكها ، وإن خرجت ملكتني " . وديواني هذا ينتهي مع نهاية حياة العزوبية وبقائي في أمريكا . وآمل أن أستجمع شجاعتي مرة أخرى لأنشر ، قريبا ، ديواني الثاني الذي اخترت له عنوان " صحوة لم تكتمل " . عبد المجيد نصير الحصن في 3 شوال 1428 هـ الموافق 15 تشرين الأول 2007 صاحبة الصليب حسدت الصليب على المضجع وقد صار نهدك كالمخدع تعلق في الصدر بين القباب يروح ويغدو على أضوع قباب تحدى السما في العلا وتدعو شفاهي بالأصبـع قبـابٌ ، صـوامعُ قدسيــّة ٌ تراتيلهـا طيبـت مسمـعي يصلي ويدعو بها خاشعـا صليبك ناسكهـا الألمـعي يحاول ابليـس إغراءه ُ فيصفعـه بالتقى الأنصـع فعينـك حارسـة ٌ ظلـَّه ومكمنه في حمى الأضلع صليبـك يرمقني نظرة ً اذا ما تهـادى على طيـّع تكـبّر حتى عاـى شاعـر ٍ وتاه على الساحر المبدع ومن يتكبّرْ على شاعـر ٍ فقد جـنّ حقا وغاب الوعي فصحت بشكواي عند الجفون وأسقيتها أضـوع الأدمـع وقبـّلت في الهدب أطرافـه وأهديتـه الليل لم يقشـع فكان الجزاء بأن يصلبـنْ وها هو يصلب في المهجع سها لست الا عروسَ السما وعرشك في قلبي الموجع وخير قصـائد أهل الهـوى قلائد في جيدك الأتلـع وإن الجمـال بكـم مبتـداه بكـم منتهـاه ولا أدّعـي 1964 كان ذلك في بداية سنة 1960-1961 ، وأنا في السنة الثالثة ، سجلت لمساق عربي 201 . جئت أول محاضرة متأخرا، وجلست في أول مقعد شاغر . بعد التقاط الأنفاس ، نظرت إلى شمالي وإذ جارتي ملكة جمال . تأملتها في الحصة التالية ،" فإذا بها ملك تنزل للقلوب المتعبة" كما قال ابراهيم طوقان . وبعد أسبوع، أعلمنا المدرس ( الأستاذ طرزي) بفتح مساق جديد ( عربي 207، فلسفة النحو والبلاغة ) والنقل إليه اختياري . وكان صراع بين أن أبقى مع الجمال أو مع العلم. واخترت الثاني . لكن سها فرضت جمالها الهادئ ، وانتخبت في سنة تالية ملكة جمال الجامعة . ما بان منها فهو بان ما بـان منها فهو بـان يزري بأحداث الزمان هي غاية الحسن الذي يختال في الغيد الحسان كانت فكل الكون ضاءْ من بعدها عقم الزمـان شلال سحر ٍ قد همـى عينـان فيهـا تجريـان والشعر غابة عسجـد ٍ فيها من العجب افتنان مهمـا أقول بحسنــها يا ربّ أعجزني البيان إنـي أخـاف مقامكـم ولمن يخـاف الجنتـان وتشـير بالخديـن لي وجنى الجنان بهن دان وترفق الثغرُ المحب لما هـوى نحو الجنان واستقبلـتـه براعــم ٌ تجـري لها نضاحتان بإشارة ٍمن هدبهـــا سجدت هناك الشفتان فهما بمحراب الخدود تصليــان تناجيــان مذهولتان بسحرهـنَّ يفيض فيهن الحنــان وأطل منها مضمران نهدان، ويحي،يخفقان كل ٌيشــير بأصبــع ٍ وكما يشير الطالبان وأجيب بالشفتين نهلا يا ذان ماذا تأمران ؟ حزيران 1963 السيارة المحمومة بجسمك ذاك البهيج الوضيءِِ بقدكِ من مرمر ٍمؤنق ِ حلفـت ُولم أك ُ في ريبة ٍ بأنك أنت ِالجمال النقي لك الله سيارة ًقـد زهت بنور يُضلٌ وإنْ يصدق ِ ومقعدها الجلف لم يعلمنْ بمن هو في حضنه يرتقي سأحسده اللمسَ أو ضمَّه لقـدكِ ما دام قلبي الشقي وثوبك قد زلّ عن ركبتيك وفوقهما النار إنْ تحرقي وفوقهما كعمـود الصباح أشعـّا فقـلـبي في مـأزق هنا ضمْخُه من جميع الطيوب فتهــتُ بطيبكِ لم أنطق هناك الفؤاد ارتمى جاثيا على الياسمين على الزنبق فلا لـومَ في بثـّه حبـَّـه ُ ولا عيبَ إن تاه كالأحمق ثقي ان ّ نارك دون الرمادِ أشدُّ من الشمس تلظى ، ثقي عليها فؤادي قربانـُها ذبحتُ وقدمتُ للمحـرق 25-6-1964 كنت في بيروت للنظر في دراسة الماجستير . ركبت سيارة الأجرة من الحمراء لوسط البلد لفندق كنت أقيم فيه . وسبقتني في السيارة هذه الفتاة ذات الثوب الأبيض القصير الذي زل عن فخذيها إلى أبعد ما يكون . وقبل أن أنام أبى شيطاني أن أرقد قبل أن أسجل هذه الواقعة . معرض الأزياء يا معرض الأزياء بل يا معرض الحسن الضياء هذي النساء نجومه قل لي بربك ما السماء الثوب يزهو بالقدودْ والقدُ يخطر بالرداء متكبر صلف الهوى قـد شنّجـته الكبرياء حتى انطوى في ذيله هلاّ لمحت الانطواء هذي النهود تعاظمت تعلو فما هذا العلاء ؟ تبغي الدفاع أم الهجوم َ أم التحدي للسماء ؟ نبئتُ أنّ الثوبَ قد عشق الجمال له الفداء والثوب آلمه الفراقُ وقلبه صفر الرجاء ويح الذي سكن الصدورْ والعين داء ٌ أو دواء يا مهرجان الحسن في قلبي نقشتَ ولا عفاء 1965 مناجاة هطل الحسن علينا صيّبا رعدا وبرقا فاسقني الظلم حلالا نحن للحسن أرقِّّا قطرة منه جلتني فاذا قلبيَ أنقى وجلت عني ضبابا فرأيت الحقَّ حقا واذا أرهفتُ سمعي سكبتْ لحنا أرقّـَّا هطل الحسن علينا فاذا النسّاك غرقى ألف لون ألف عطر هي في الحسن وأسقى ها دمي في وجنتيها وهج يحرق حرقا ضج بالبركان صدر فتعالى النهد سمقا شفق أم وجنتاها لوّن الفجر وأفقا أيها الحسن تعطّف عابـد يدعوك رفقا أسهر الليل أناجي خاشعا همسا ونطقا ولقد قدمت نفسي لإلـه سام صعقا ويجيب الحسن وحيا نافثا في الروع صدقا لا تصح إنّي وإنّي كل من يعشق يشقى كل من يعرف ذاتي أو لنفحاتي تلقّى فهو في قيدي ذليل تائه يطلب عشقا وقيودي من أثير لا ترى تخنق خنقا واذا زدت اجتلاء زاد من يعشق خرقا واذا ما كنت طيرا فأنا الجوّ المنقّـى قفصي دون حدود وشباكي لن تـُشقّا كل من أسقيه كأسي صار في الجبة محقا لا تقل عقلي وفكري وإذن ضيعت شوقا كانون الثاني 1965 من شارع الحمراء تكفيك منها النظرة العجلى لتقول وجه ٌ لا ولا أحلى واذا نظرتَ بعينها انكشفت آفاق حسن لم تكن قبلا حدّق تجد نبعا معطرة ً تحكي بصفو مياهها الطلاّ قم صاحبي نكشف مجاهلها مدّ الشراع ولا تقل مهلا مجدافنا من هدب مقلتها ونسيمنا نفس ٌ همى دلاّ هذي منارتنا بوجنتها من ذي منارته فما ضلا ّ شباط 1965 كان شارع الحمراء متنفس الناس ومعرض الفاتنات ( وغيرهن ) . لا أزال أذكر هذا الوجه الملائكي لفتاة في الثامنة عشرة من عمرها . يعذب الظلم الظلم يعذب في النفوس وقد جرى في خافقيْ متكبر ٌ صلف ٌ ظلوم ٌ لا يلين لعبرتـيْ ويقول من دمِ عاشقي أفق ٌ يضـيء بوجنتيْ ما كنتُ حواء َ الجمال اذا صحا من سكـرتيْ ليظلّ كالملهـوف يلهث دون أن يحظى بشيْ ما كان ميـتا يستـريح ولستُ أقبله كحيْ والقيد ذل ٌ قاتل ٌ الا القيـود مـن الحليْ تطوي قلوب العاشقيـن على المودة خير طيْ ما كنتُ يوما كالطليق من الطيور ولست أيْ قفصي الذي أقضي به حضن الحبيب ، أجل أُخيْ كانون الثاني 1965 بانت بانت علينا تبهر الطرفا كاللؤلؤ المكنون أو أصفى قد ماجت الأهداب في سكرة من كحلها للمقلة الوطفا يا هدبها ينساب في رقصة رحماك إنا نسأل العطفا يا حارس العينين يا حاجبا قد دقّ حتى خلته سيفا كالقوس ترمي السهم من عينها من ترْمهِ كانت لـه حتفا قد أصعدت في وجنتيها لظى إنّا فراش للظى حفا يا ثوبها حاكته من ليلنا من حالك ٍ قد لفّها لفّـا أبصر به هذي تقاطيعه أنفاس سكران ٍ علت لهفا يحكي لنا عن بعض أهل الهوى مأساة َ عمر قد قضى رجفا هذا هو الليل على خصرها قد شفــّه تعذيبـها شفّا فهاج في الزنـّار في ثورة عارمة لا تعرف الخوفـا ماذا يريد الليل ؟ ماذا به ؟ ماذا يريد الليل إن ألفـى ألفى شهابا شقّ ديجوره رفقا به ، لا تقصفي قصفا يا ليتني ليل ٌ يضم السنـا أغفو على حضن ولا أُنفى أو شالها اللماع ما كنهه ؟ فويق موج النهد قد أغفى في خيطه النجمات وضاءة ٌ قد رسفت في قيدها رسفا صارت عبيدا سلسلا ذائبا عريانة ً مقتولة ً ضعفـا شباط 1965 دعا غسان راشد زملاءه في الماجستير لسهرة في شقته . جاءت الزميلة بثوب مخملي أسود على جسد أبيض بض مليء قليلا ، كاشفة النحر والظهر ، تحت شال خيوطه ذهب وفضة . الى مسكين الدارمي قل للمليحة في الرداء الأزرق ماذا فعلت بيافع متحذلق ؟ قد كان جـّهز للمبيت فراشـَه حتى ظهرت له بدلّ مؤنق فرمى بجامته وعبـّأ نفسـَه في سهرة محمومة لم تأرق فقضيتما ليلا قصيرا راقصا أو لاثما شفتين مثل المحرق أو نائمين على فراش واحد ووسادها من ساعد أو مرفق ووساده نهدان فاضا لوعة ً وصباحه وجه جميل المشرق ردي عليه دروسه وجهوده لا تخسريه بحق خصر ضيق 17 -5- 1965 زميلتنا الكسندرا ( من أصل يوناني ) في درس د. عزمي حنا ( جبر تجريدي) ، في تنورة زرقاء ، في صيف بيروت وبعد الظهر . هل بقي مكان للعلم ؟ في يوم النساء ( شاركت في الاحتفال بيوم النساء الذي اقامته مديرية الشؤون الاجتماعية في إربد في نيسان 1964 ) قم في فم الدنيا لهنـّه حـيّ النساء وجمعهـنـّه وانثر على سمع الزمان لآلئـا في مـدحهـنـّه جد بالقليل من الحديث أنت الذي من فيضهنـّه إن كان يعجزك القريض الا بأشواق وفتنـــة فالأم أكبر ملـهــم عند الصباح وفي الدجنــّة حـواء أنــت لآدم ٍ شـق ٌ لنفـس ٍ مطمئنــّة كذب الذي زعم الغواية م والضلال َ وقال محنـة انـت الهدايـة والمعين ْ أنـت التي اشبعت فنـّه ما العـود الاّ آدم ٌ حـواء كانت منـه لحنه يا صـاح لا تشـك الزمان م ولا تـقـل بلواه إحنـة تلك المـصـائب سـنـة للـه ما أعلاك سـنـّـة تلك امتحان لـلـقـلـوب م وللجيوب وليس منـّــة أترى تكون مع الزمانْ أم مع أخيك تكون عونه أما أنا فلـقد رأيـت ُ م عقائلا أخلفـن ظـنّــه وكرائــما هـنّ الدوا يمسحـن للمحزون حزنـه وقـد انتـظمن مجـامـعا للخير كي يـعلـين شأنـه أعظم بـتـلـك مجامـعا هي لليتيم تكون حصـنه هي من سماوات الهدى وأرى النسـاء نجومـهنه يا أم أو يا أخت مهلك م لـلنـســا أمراضـهـنـّـه التيـه والصـلـف الشديد ْ هو في النسا سرطانهنّه أو بدعة التقليد تفـتـك ُ م بالـقـلـوب المسـتكـنـّـة ليس الـنـسـاء دمـى الشوارع م ينـجـليـن بحـسـنـهـنـّـه هـي مريـم الـعـذراء تهـدي م للأنـام مسـيح جـنــّة هي بـنـت وهـب حين تعطي م الـعـالـمـين محمّــدنة وخديجة الصـدق الوفـي م تبـث في هاديك أمـنـه هذي نـسـاء المشرقين م فهل ترى أسـرابـهـنــّه عطـّرن بالذكر الجميل تـاريخـنا وحـيـاتـهـنـّـه هذا وان طـال الحديـث م فـلـن أوفـّي حـقـّـهـنـّه يا رب أدعـو صادقا حتى تظـل معيـنـهـنـّـه إلى طالبات إربد الثانوية للبنات إن كان جِدّي ليس نافعَكم ما كان ينفعكم إذن هزلي وغدا إذا قلت الوداع لكم من للبنات بواحد ٍ مثلي قد ضقتُ ذرعا من وساوسكم فتكاد تقتلني على مهـل وأنـا كـبحـر قد صفـا خُلقا اللؤلؤ المكنون من قولي لو رف ّ فيـه نـسـيـم غادية تتـكـسـر الأمـواج من حولي ويلي من الشـبهات تلذعني فكأنـها كالـسم من صِـلّ قولي لـها إنـي مـعـلـمـها وأنـا لهـذا الـزهـر كالـطـلّ إن فـاح عـلما نافـعا فـبه من بعض صنعي مسحة الفضل 20 -9-1964 عينت معلما في ثانوية اربد للبنات مع بداية 1964-1965 . كنت آتي من الحصن ، وأترجل عند دوار القبة (حاليا ) وأمشي إلى المدرسة . بعد أيام لاحظت هذه الطالبة توقت خروجها ليتسق مع مقدمي . وعلى عدة أيام كانت ترافقني إلى المدرسة بعد أن تعطيني وردة أو فلة . وصرت أسمع بعض الكلام . على أي حال تركت المدرسة ، دون إذن ، شاردا إلى بيروت لإتمام الدراسة. حلوة أنت حلوة أنت ليس عندي شك ذاك أن الجمال كنت فكانا هكذا قد سمعتُ أمس حديثا دار بين النجوم همسـا حنانا فإذا الجو طلـّه الطيب يندى ترك الزهر تائهــا نشـوانا واذا الزهر كله تمتمات وابتسـاماته تجوب الزمانا هذه وردة تسابق أخرى في خدود في لثمها تقوانا ها هو الثغر طلسم يتحدى فجـعـلنا شفاهـنا ترجمانا حلوة أنت بوح نجوم الليل م تـرنو وتـمـلأ الأكـوانـا فهي طول النهار ترقب ليلا ظلّ يحوي شعاعـك العقيانا تسهر الليل تعبد الحسن فيكم وترى في رضاكم الايمانـا أي نعمى ترفّّ منكم فأبقى طـول يـومي منعـّما نشـوانا تائها في معارج الطيب أبغي سدرة المنتهى وذاك المكانا ناطقا صادقا أحدّث نفسي في الصبابات انها مأوانـا يا إله الجمال رفقا بقلبي فهو في العرف يبتغي الإحسانا لا تعاظم عليّ إني نبي صادق الوحي منك يرجو الأمانا بشرت بي أهدابها وهي تضفي فـوق عينـين فيأها فينــانا ورأيت الملاك في شفتيها إن حكى فهو قوله سـبـحانـا وهو يوحي لمهجتي كل آي ذوبهـاـ السحر عابقـا فـتـانـا دون شعري فأنت للعين خاف لن يروا من بحارك الشطـآنـا أنت تحتاجني أخبر عنكم ناشـرا في البـريـّة الإعلانـا وبدون الجمال يصبح شعري مثل ميت تـسربـل الأكـفـانـا 13 – 3- 1966 قـلم الحمرة قلم الحمرة يا خير قلم أنت لا تهبط الا فوق فـم دأبك التقبيل ذوبا مغريا سافكا من دمكم أعطر دم من سنا برقك لمّاع اللمى قاذف قلبي في لجّ الحمم لست أدري كيف صاغوك ، أمن دم أهل الحب في ذوب الألم ؟ أم ترى من وهج الشمس وقد ثار موج النار فيها والتطم ؟ ولتكن ما شئت أنتم قاتلي في شفاه عزفت أحلى نغم 20 -12 – 1964 كنت اراقب امتحان ر101 مع زميلي ( المرحوم نزار مروة). كسر نزار قلم رصاص وجبره بيده وأعطانيه . فظهر وكأن القلم كسر في يدي ، وغالب ضحكة . ولأمر ما كتبت هذه الأبيات ، في قاعة غصت بالصبايا الحسان ، والحمرة على شفاههن . مد وجزر البحر أزبد ثم هاج فقلت ياموسى عصاك فتدافعت نحوي المجاذف كلها لبت فداك وطفقت أضرب موجة تعلو وتعلو كالسماك فاذا بها تنشق في فلقين هل أبصرت فاك ؟ وتميس بينهما اللآلىء ومضها أو مقلتـاك فجمدت مندهشا كتمثال تسمـّر لا حـراك واذا بصوت دافىء الأنغام يشدو ما دهاك ؟ ويد عطوف كالدمقس تعيد قلبي من هنـاك ويد على ظهري ، وإني بين أحضان دراك ! 2 -7 – 1965 سيرة الحب يا قلبُ حبـك لا يُبقي ولا يذرُ ماذا عليّ اذا خانتني العبر ماذا عليّ إذا طيف الشحوب بدا على مفارقنا يزهو ويزدهر وصار وجهي خريفا من فراقهمُ ما فيه غير رياح خانها المطر في الليل، في الفجر، أبكي دونما خجل من دون دمع على الخدين ينهمر لكن ذوب الأسى سـحبٌ تبللني وبرقهن لظى في القلب يستعـر حتى اذا غيض هذا الماء في كبدي أبصرتُ وجهي ربيعا كلـُه زهر تفتـّح النور في آفاقـه فغـدا عذبَ الصبابات عنه النور ينفطر فالعين باسمة فيها المنى ازدهرت بألـف ألـف حياة دونها العمر حدّق قليلا تجد كتبـا منسـقة ً ما مثلـُها صاغ جنّ لا ولا بشر وهدبها ، دعه أوتار لنا عزفت لحنا من الخلد من ترجيعه القمر اذا انتشى فنجوم الأفق راقصة هذي الملائك في تسبيحها زمر حتى إذا ما تناسى القلب قسوته وظـنّ أن حياتي كلـَّها ثمر هاج الحبيب فراقا دونما سبب فصوّح الدوح لا طير ولا شجر وعاد قلبي خريفا من ديارهم ما فيه غير رياح خانها المطر يا أيها الحب هذي بعض حالتنا لا أشتكي وليطل ما شئت بي السهر اللـه يعلم أني منك في فـرح إني أحبّـك ، فالدنيا لنا صـور العين تقرؤها ، والقلب يحفظها والحس خلّـدها بالشعر يزدهـر عندي قصائد بوح ليس يدركها في الأنس الا حبيبي حين يفتكر حدثت عنك طيور الجو فامتلأت زهوا، وفاضت حنينا مثلما النهـر وجئت للروض عند الفجر أنشرها فأورق الميت واهتاجت به الذكر والله يعـلم أني منك في حـزن أن لا نكون معا ولتسدل الستـر حدثت عنك نهاري فاكتوى ألما فصار ليلا حزينـا فاته النظـر وانشق قلبي الى شقين واحـدها لليل ملجـؤه ، للحـزن معتصـر وآخرٌ هو للأفـراح ينشـرها الشمس في أفقه والفجـر والسحـر هذا هو الحب فليعلمه مبتدىء أن ْ لا يقول ولو أدري بما خبروا 3 – 3 – 1966 السلسال في مدرسة خالد بن الوليد ( المقاصد الإسلامية) درست سنة 1965-1966 . الصف الأول الثانوي عنده امتحان جبر؛ ونور أعطتني سلسالها لأكتب لها شعرا، فكان ما كان . وغارت فاطمة، وطلبت قصيدة دون أن تعطي إلا جملة " لا تكن ماديا يا أستاذ ". وكانت القصيدتان التاليتان : سلسالـُها من ذهب ونظـمه كالحبـب مموّجا عبر المدى يوحي فمهجتي نبي يا ويحه يهتاج من نبضة قلْـّب قلـّب فإذ بـه في نشوة آفاقها صـدرٌ صبي وفي عراه جزعة يا ليتـها لم تثقـب لكان هدبي خيطها وضوء عيني مثقبي زرقاء فالآمال في أطرافـها لم تغـب صمـّاء لكـنّ بها حسا كنبـع طيـّب من طول ما جاور م صدرا موحيا باللهب زرقاء فالحاسد في دوّامـة المنقـلب تميمة يا سحـرها فتنـتِ خير العرب 13 -6- 1966 المادة ليست كل شيء مـن ورق لـورق مـن حبـق ٍ لـزنبـق من خفت ليل حالم يضنى به قلب الشقي ومن ومن وألف من لا تنتهـي بمنطق أعصـرها أكنـزها أوهبـهـا للمحـرق أيضا وقلبي ودمي دم بلـون الأزرق هنيهـة ً أقطفهـا أودعها في المطلق مع الصدى أمزجها فتنجلي في الشفق ذكـرى تظل حيـة نابضـة في الأفـق مـن هـي ؟ وقائل ٍمن هي يا مجيد ؟ هذي التي بذكرها تشيد وباسمها تفتتح القصيد هل هي بنت فارس صنديد ؟ وأنـّهـا سليـلة الأسود ؟ أم أمها تـُنمى الى الورود وحسنها قد ضاء في الوجود ؟ لا ذي ولا هاتيك يا رشيد ! حبيبتي أمي بلا حدود ! قد أرضعتني لبن الخـلود وانشأتني البـطل العنـيد وعلمتني كرمَ الجدود بسيطة في شكلها المعهود لا تعرف التزيين والتنضيد لكنهـا كالقـمر الفريد ببسمة من فمها النضيد كأنها ابتسامة الوليد ! يارب زد في عمرها المديد وأعطها من عيشك الرغيد أظلهـا بظـلك الممــدود وأسقها من حوضك المورود 31 – 1- 1966 طلبت مني قصيدا طلبت ِ مني قصـيدا فأين مني القـصيد ُ ؟ فربـّة الشعر غضبى عن درب وحيي تحيد ُ والقلب كالصخر أضحى من دون حس ٍٍ يرود ُ والعقل غشـّاه ليـل ما فيه ضـوء يقود ُ والعين ملـّت سماءً لا شيء فيها جـديد ُ والدوح قفـرٌ يبابٌ البـوم فيـه وحـيد ُ وموطني لا تزيدي أسـياده هـم عبـيد ُ إن غـُصّ بالقول حلقي فالمـاء سـم أكـيد ُ 7-2- 1966 بنات الأول الثانوي في الامتحان، وغيثاء تريد أن تشغلني بكتابة قصيدة . الـربـيـع كان ذلك الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 9 -5- 1966 ، في ثانوية خالد بن الوليد (المقاصد ) ، و شجرة دفلى بأزهارها الجميلة، بألوانها الأخاذة المختلفة ضمن مجموعة من شجر الصنوبر ، وأسعد علي يطلب مني أن أقول شعرا. وعودة الى الجامعة ، وهذه الأبيات . مرحـى لهاتيـك الشفاه تماوجـت وسـط الرييـع وتقول حيّ على الجمال فقد مضى زمن الصقيع أيام حضـنُ الغيب كان لنا به الحصن المنيع والوحي يجمد في العيون فلا ترى الا الهجوع حتى اذا طلع الربيع ترقرقت تلك الدموع واذا بها قطع السماء تزينها شمس سطوع مالت حنينا للغروب فزانها شفق هلوع وتراقصت تلك الشفـاه بدعـوة الحـب الولوع تشدو مع الطيرالهتوف ملاحما تشجي السميع سكبت بروعي ألف شلال من اللحن البديع خطراته نبضات قلب عطـّرت مني الضلوع فوجدت قلبي غابة بفضائها الرحب الوسيع واذا لساني ناطق بالوحي يحكي للجميع نفسي لها اني نذرت ولست أقبل بالرجوع يـا ليلـة في جلسة أنـْس : فاروق ومعتصم وأسامة وزوجه نجوى وأمهم وعائشة وأسعد علي؛وجلسة لاأجمل ولا أرحب... شعر وثقافة وطلاوة . وغرد أسعد ،كعادته من الطين الى التكوير . وكانت هذه الأبيات : يا ليلة ضـُمـّخت بالطيب والنور تنداح منـها نجـاوى آل تنير في عالم الغيب كانت من مفاخره وفي ضمير الدجى فجرََ الأزاهير تامت بها العين قبسا كاد يذكرني بقبسة جذبت موسى الى الطـور فغبت في عالم أزهـت دياجـره سحرا وأضحى لنا دنيا اساطيـر كأنّ ذوب الهوى في مقلة رعشت هدية الروح في طين بلا نـور تسري وئيدا كمزن أترعت مـِننا أصحو على الفيض في لبي ومقشوري وراح أسعد يهمـي كـل فاتنة من عالم الشعر رفـّا من عصافير قد أصعدتنا على الآفاق جامحة نعايـش النجم في آفاق تكـوير يا ساحرا ، لا، فهذا دون رتبتكم جمـّدت ماء على أيام معبور وان لبست ترابا فهو مندهش يقطـّع الأفـق المعمور بالحور 13 -6 - 1966 قمـر يسـبح قمر يسبح في بحر الشفق ناعسَ الخطوة محسودَ النسق ساحرٌ قد يختفي عن ناظرٍ فاذا عـاد فبـدرٌ واتسـق واذا شـاء هـلالا موسـقا من أفانين الهوى ما قد وسق أمسِ أبصرتُ به في خلسةٍ يخلع الثوب بطيـئا في الغسق عابثا كالطفل يلهـو لحظةً راقصـا فوق فراش من حبق باسما يا شـفةً من نـورها تركـَتْ قلـبي مضيئا بالفلق دافئا يغـري بنا أمـّارةً هي لولاه صـفا لم يختـرق قمري يسبح في بحـر الشفق ولـه حـبي مجدافٌ أرق هـو بحـرٌ مـاؤه من حـرقٍ يا لها موحيةً تلك الحـرق زفـرات العاشقين افترقـت وارتضت لقيا لها ذاك الأفق وهـي أحـيانا بـه صاخـبةٌ يا فؤادا موهـنا مـما خـفق قمري يطويك يا بحر الشـفق فيجـف البحر حـزنا في فرق فإذا الظلـمة هـدبٌ مطـبق راقصت نجماتها بعـض المؤق قمـري يعـشق شمـسا نورها بان في خـديه سحرا لم يشـق وهـو يمضي عمـره يلـحقها سابقـا حـينا وحـينا يستـبق هكذا الحـبُ وذاكـم أهله كـخيولٍ في مـيادين سـبق 8 -5 – 1966 مغيب الشمس في غاية الجمال . كنا الأربعة :عمر بهاء الدين الأميري (ابوبراء) ورفيق سنو رحمهما الله ، وأسعد علي وأنا نمضي ذلك النهار ( 15-6-1966) في نزهة على رابية فوق انطلياس ، وعندما مالت الشمس للغروب وبدت تغرق في اأفق البحر اقترح أسعد لعبة : ليكتب كل من الثلاثة شعرا فيما يرون . قصيدتا عمر وأسعدرائعتان ، وهذه مساهمتي: الشمس كأسٌ أرى في قعرها اختمرت كل الرؤى فغدت حلما أفديه وتغـرق الكـأس في أفـقٍ بلا أمدٍ فلا الشفاه بمـا فيها تدانيـه تظـل عينـاي تطـوي من غلائـله دنى مجنـحةً بالطيب والتيه والجو يندى بعشق صب في كبـدي ففاض في الأرض سحرا من مخابيه هذا الصنـوبر قد أهـدى تبـرجَه الى فؤادي يغـريه ويصبيـه هذي براعمـه صـارت كأنملـة يدعو بها الطفل قلب الأم يشجيه أطوّف العين في غيـبٍ أشـاهده في اليمّ في صدره تسبيحُ مشدوه يصيح قلبي يا موسى تعال وخـذ إن العصـا قلمي لو كان ينجيـه والأفق ما الأفق قبلات السما أبدا للأرض، خير الورى ممـا تجلّيه رسالة الى ابي براء انتهت السنة الدراسية وعدت الى الحصن حاملا ماجستير الرياضيات ، مقبولا للدكتوراة في جامعة براون مع منحة ، في انتظار السفر . وتعاقد الأستاذ الأميري مع جامعة محمد الخامس في المغرب أستاذا فيها وسافر اليها . وكان قد أهداني ديوانه " مع الله " وتلقيت منه رسالة . وكان جوابي في 22/7/1966 : للمغرب الأقصى نشرتُ فؤادي والى الحبيبِ بعثتُ صفوَ ودادي فطـوى لنا حـبي مسافة نأيه فرأيتُـه قربي ونحو وسـادي كالشمس ينأى جرمها مترفعا ولنـورها عرشٌ بكل بلاد فرأيتـه في خـاطري متمثلا متبسمـا يعلو على الأصفـاد أو منشدا من صفو وحي قريحة يا بدعَـه في ذلك الانشـاد والعين ترقص في حبائل نوره والقلب يهتف للنسيم الغادي وأكاد أسمعـه يمازح صحبه يسقي الورى من خافق هو صادي و" رفيق " يغمزنا بآي محكم أو من حديثٍ صادقٍ للهادي أو "أسعد" سُحُبُ الخيال ترنّحت يحنـو لها جبلٌ ويسجـد وادي وأنا هنا في الحصنِ فاقـدُ لوعةٍ مـزنٌ بلا ماءٍ ولا إرعـاد عندي من الذكرى قصيدة "أسعد" للبرتـقـال أبثّ للآمـاد ورسالةٌ حرّى يطوف بها الصدى بعث " الرفيق " بها على ميعاد وأنا "مع اهلط" العظيـم مسـافر و"أبوبراء " به ونعم الحـادي شفتـاك شفتاك ولا النيل العذب ينساب حنينا من خديك ِ رفدته سحرا ملتهبا ودق وبروق في عينيك ِ يتلألأ موجـا دفاقـا عطـرا يوحي بجبينيك ِ شفتاكِ وماؤهما هـدرٌ ملأ الأجواء بلا رحمـة حِبـّي ، شفتاي مصبّهما إن شئتِ ، فرحماها لثمة صبّي في شفتي معينا تحييـه وفي قلبي أمـة شفتاكِ هما سدّ عـالٍ لا الشرقُ بناه ولا الغرب قد أحكم ربي صدفيه قبلاتي يا ربـي قـرب تسبيحي تهليلي عجب ربي إني صـبٌّ صـبٌّ صبّي واسقِ الورد شذى وحقولا يانعـة التفـاح أرجٌ حبـقٌ زهرٌ عبـقٌ وندى قد غشّى كل صباح وليـالٍ سـاحرةٌ عينـا كِ ، وكهربها نجمٌ مصباح شفتـاك النـار ولا تخبو قبسٌ قد ضـاء بسينـاء نـارٌ ولظـاها هـدرٌ أشكو يا نـاريَ بـرداء عيناي وتاه طريقهمـا يا شفة ً كوني اسـراء شفتـاكِ صِلي في شفتيّ قد ألفى في شفتيك هـدى أوحي بالسلسلِ مندفقـا بالأمر الصـادق متقـدا شفتـايَ نبـيّ أوّابٌ يدعو بالوحـي بكل مدى شفتـاك دعاءٌ للحـب يتحدّى عجزي أو كسلي كفـّان لصوفي ورع ضرعا في الليل على أمل وأنا ، أأخيّب ظنهمـا سأجيـب بزخ من قُبَـل 17 – 7 – 1966 قطف أزاهير لعيون لمعت في الغيهب ولخـدٍ ذي لـون قلـّب ولظلم لا خمر أطيـب أطفأت شموعي دون ألم ووهبت فؤادي دون ندم ******** لمحيـّا الكلـم الشفـاف ولـرقـة تلـك الأعطـاف ولروح من نور صاف أسريت على نور هداها وعرجت بروحي لسمـاهـا *********************************** طالبتي بالله لا ترهقـي لا تسكبي دلا على منطق مـا كنـت ممـن جلمد قلبه أو عينه للحسن لم تأرق من بسمة ضيـّعت بعض الحجى أو غمزة فالقلب في مأزق منى وقوس قزح يعجبنـي أصفـرها اللامع والأسود المخضلّ بالزنبق والمخمل الجلدي سحر الرؤى والبض كالمزن على مشرق والكلـمُ الحلو الذي ينجلي من شفتيْ ساحرة المنطق أو في يديها وهي تومي بها تدعو الى دلّ بها مؤنق والصيف معقود على وسطها والليل منصب على المفرق هذي لنا بعض المنى أورقت يا حسنها في ذلك المورق 2 -8- 1965 منى سكرتيرة قسم الرياضيات آنئذ على درج البريد مصقولة َالساقين لا تسرعي ما بين ساقيك انتهى مصرعي أبصرتـُها تصعـد أدراجه ونقرة المسمـار كالمقـرع فأصعدتْ عيني لها حاجبا وأتبعتـْهـا نظـرة المفزع حتى اذا مـا تأملتهـا أبصرتهـا جدبـاءَ كالبلـقع ناديتـُها وهي على زهوها تكـاد تمشي فاقـدة ً للوعي ما أنتِ دنياي التي ارتجي غيبي كما شئتِ فلن تفجعي صغيرة أنت فلن تكبري هذا جمالٌ صيغ في المصنع ساقان مصقولان من جورب نسيجه كالوهـم لم يقنـع والشعر لولا الحلق معشوشب يا هولـه من منظـر مفزع كم ساعةً ضيـّعتِ كي تألقي كم ذهبا أنفقتِ كي تسطعي يا صنما اني بكـم كـافر لا تـدّعي للحسن لا تدّعي 25 – 2- 1965 ت و ن ي لحنٌ أوقعه على أندائي فتشع سحرا أعين الظلمـاء وتألـّق ترك الحياة بدلـّها بعض المعاني علـّقت بسمائي وتلفـّت ٌ يطويك غيبُ ظنونه بيـد ٌتحـدّى نظـرة لظبـاء وغلالة الشعر المموّج ناعسا تعشى العيون بغنجه الوضـاء حسرته رفقا مترفا فـإذا به دنيـا مجنّحـة ًٌ بلا أضـواء ردّته عن هذا الجبين فما وعى أمرا له العينـان بعض فـداء فاذا بـه قد عـاد في قبلاتـه كأرقّ مزن في أشـمّ سمـاء فرأيتُ آفاق الجمال تماوجت كالصبح ينقـل خطوه لمسـاء 26-11-1966 توني م كانت مديرة المركزالطلاب الدولي في بروفيدانس ، وجدتها تحب الأردن كثيرا ، عاشت في القدس أشهرا مع عائلة خطيبها ( من بيت الحسيني ) ، ثم تركته ، وكانت توليني عناية (أخوية) خاصة. فوق السحاب في الرحلة الى الولايات المتحدة الآمريكية ، في طائرة سابينا البلجيكية (بوينج 707) . فوق الجناح مع النجمات والألق أصحو على الوحي في صمتي ومنطلقي قد ضمني عالم من أزرق عطر يبث فيّ حديث الورد للحبق تداعب العين منه بعض غفوته وتنثني ما بها ريّ من الأفـق من فوقها أزرق يمتدّ منجردا من تحتها أزرق قد ضاع في غرق والغيم في بوحه دنيا مموجة من الجبال تفوق الوصف في النسق يداعب الريح فيها بعض غرتها فينجلي ساحرا يهتاج في الحدق يا أيها الطهر هل أنتم ملائكة من عالم الصفو تياه على الرهق ترنو الى الناس تلهو عن مصائبها وتستريح بيحموم من الحرق ِ قد رقّ قلبكم ُحزنا لغفلتهم فرقرق الودق فياضا من المؤق ؟ نظل نشرب صفو الدمع في صلف لاهين عن لاهب قد طلّ في الشفق ونهدر الماء لا يُروى لنا ظمأ نعمى عن النور فياضا من الألق ونغسل الجسم آلافا مؤلفا الا الفؤاد فمسودّ وغير نقي يا أيها الطهر أجلو فيك ناظرتي هلاّ جلوتَ فؤادي من ضنى الملق 6-9-1966 العيون المعجزات حـدثتني عيونـك الوضّـاءُ كيف تسمو على السماء سماءُ تقطر المعجزاتِ سحرا توالت ومن الفيـض تنهـل الشعراء تولج الليـل في النهـار فترنو نحوها الشمس والمـلا والمـاء فاذا الروح والملائك سبـحا دون أفلاكها يغيب الضيـاء واذا الطهـر والنعومـة موج تتمنـّى أحضانـَها الأنـداء يا لها من طهارة الصفو يتلو سور الحـب بوحُهـا لألاءُ الزهور النيـام بعض ظنوني هدهدتـها مزامر أحنـاء كل حلم هدية الثغر محضـا قبلةٌ ما حوت مثلها الأجواء تلك يقظى الأزهار وهي تباهي بعيون من سحرها الاغفـاء تشرين الأول 1966 تائـه في المـدى أحبُ أحبُ ولا من أحبُ فأين الحبيب وأين السنا ثريا تغـور ونجـمٌ يتيـه وجفن يغيب على منحنى وعين تدور وقلب يمور م وحس يحور بأفق المنى ووحي يسيل على شفتيّ ولا كاسَ أملؤها بالرؤى ومزن ٌ أبثّ على أزرق ولا أرضَ تروى بهذا الندى ولؤلؤةٍ قد بذلت الحياة م فداها ولا جيد يقبل دلّ الصبا وأفق يجول بدنيا المغيب ولا شفق ٌ في عناق المدى وشمس تبدّت خلال الغيوم م ولا نبضة ٌ فوق تلك اللمى وحيدا أعيش وحولي الألوف م شعاع ينض ٌ وبعدُ انطوى هنيهة ُذكرى بأذن الزمان م تجوب مع الخلد غيب السما صدى كان أصدق من أصله ترددّ بين جبال الهـدى سأغمض عيني قرير الجفون م وأنشر جنحيَ فوق الظما وأبحث عن كوثرٍ أرتوي بخمرته فوق كل الطلى وأرفده سلسلا من قصيد م تتوّج موجـاته بالضنـى فتقرأفيها التماع الجفون م وهيف َالخصور ودلّ الهنا ونخلد في الكون سفرا جديدا لنا سجـّد كل ذاك الملا 4 رمضان 1386 16 ك1 1966 في درس جاك ( A. C. Pipkin ) قبلاتي مع النسيم حيارى دون آمالهـا شفاه العـذارى سابحات ٌمع المدى دون جنح ليس غيب الظنون الا مدارا ناشرات على المدى سفر حب ترك العاقلين مثل السكارى كل حـرف كنجمـةٍ تتدلى عبق الليلَ طيبـُها والنهارا خفقات الفؤاد في هامشيه بعض لحن قد أعجز الأوتارا همسة منه في الشتاء استحالت قبلَ الورد تفتـن ُ الأطيـارا والربيع النـديّ بعـض ظلال ٍ وحنين القلوب ضجّ الأسارى 16 – 2- 1967 جاك اسم الدلع لإستاذنا بيبكن ، استاذ ميكانيك الاتصال في جامعة براون، وقد درست عدة مساقات معه شاردة في درب اللـه ويغفو على هدأة المنحنى طريق ٌ بقلبي لا يوصفُ ترصّـع بالنور لألاؤُه وتوّجـه الزهر لا يقطفُ فتاه على الأرض في طوعها ودون مـداه سما تعطف مغاربُ تنداح من مشرق رؤى من جنى الوحي كم تقطف فما الأمر الا خفوق الفؤاد وما الخلـق الا دم ٌ يـنطف فيا عالمَ النفس كم لفتةٍ تعيش بحضنـِك لا تعـرف فنجم يطلّ وشمس تغيب وبدر يـزوغ وكـم يدنف الى الله سبح خفقُ الجفون وغيب الظنـون له يعزف ونشر السحاب وصوت الرعود وطيف البروق رؤى تلهف شباط 1967 من أجل رام اللـه ( بعد هزيمة 1967 ، عقد مؤتمر في جامعة براون حول الشرق الأوسط ، والتقيت طالبة عاشت مع والدها القس في رام الله ) يا ليلة ً من أعطر الزهر ضاءت فكل الكون في إثري وجه من النوار طلعتـه وبشاشة فاقت رؤى الفجر ونعومة السحر الشهي بها ألفاظها ، كالماس في النحر عينان لو درت السماء بها لرمت بصبغتها الى البحـر ورجت من العينين قبلتـَها فإذا بهـا في غاية السحـر أنا لو سمائي مقلة ٌ هتفـت لرأت على هدبـي لها أجري ونشرت جنحي في الفضاء مدى اهدابـُه من خالص الشعـر خريف 1967 من وحي سبرنجفيلد لعينيك هذاك العذاب المؤنـقُ وحبك أصفى في الفؤاد وأعـلقُ وذكراك اطياف الطيوب تجاوبت بها نسمات الشمس في الأفق تشرق وجنح ٍ كظلّ البدر طيّ غمامة له نبضات الحب في الصدر تخفق زرعتُ به دربي عمودا من الهدى فلله كيف النور في القلب يفهق وكان له هدبي دلـيلَ صبـابة تعالت كأنّ الهدبَ بالعرش أرتقوا فماجت على آلائه ألف نجمة وسبحان ربي بعض ما تلك تنطق وعند ربيع الزهر تلفى ملائكا اذا ابتسمت فالنور في الجو يبرق تبصّر ففوق الزهر وحي ينمها حديثا وهمسا ، والعطور تصدّق خليلي، اذا هذي الزهور قد انتشت بخمر طوت نوحا وقد هي أعتق فكيف فؤادي والحيـاة ُظنونـُه وأحلامه فيض على الأرض تودق 30 رمضان 1387/ 11-12-1967 عائلة السيد توفيق الدني ( الزوجة نظيرة والبنات ، والولد ) في سبرنجفيلد بولاية ماساتشوستس، احتضنتني كواحد منهم منذ صيف 1967 حتى تخرجت . لهم هذه القصيدة . صادق الحب ومنتسبٍ للحب لم يدر كنهـَه وان خط ّفيه ألفَ ألفِ قصيدةِ كأن شجون َالقلب ينفث سرها أفانيـن ُأقوالٍ بغير بصيـرةِ كأن سماء َالحب توحي بأمرها لكـل دِعيّ بالهـدى والنبوةِ ولكن قلبا أوحد الحب دربـَه فما تاه قيراطا ولا النعل زلّتِ حنان ٌكأنّ الطلّ بعض حديثه يبوح به للزهر في كل غرسة حميم كأن الشمس من بعض دفقه منير كأن النور في كل منبت صدوق لأن الطهر من بعض فيضه لـه كل أسرار السماء تجلت رعى الله هذا القلب فالأرض كلها وأقلل بها ما إنْ توفـّي بنبضةِ 14-12-1387، 13-3-1968 قبـلـة قبلة من فمكِ الصـداحِ مـرة عرجت بي نحو نجمات المجرة فتحت ي كل ابواب المسرة قطفت لي من ربيع العمر زهرة عطرها عند الذي لم أدر ِسرّه لحظة العمر وقد أهويت نحو الشفتين فرأيتُ الشوق فياضا بهدب المقلتين حده اللاحد قد غاب بطيف الوجنتين أقطف السحر وقد ماج بسحر المبسمين عندها ، ما الكأس، ما الجنات ، ما ذوب اللجنتين ؟ ما النعيم الصفو ؟ ما أقوالهم ما ذوب اللجين ؟ وشفاهي ترشف السرّ ولم تكحله عين وأنا الغواص في اللألاء أقضي حق ديني جف ذاك البحر أو كاد ولم ندر به ودهور قد مضت تتلو على أعقابه غير جفني لم يزل يشدو على اهدابه ويغني الحب والصرعى على ابوابه وشفاهي ساجدات في حمى محرابه أيها الخلد ، ترى نسجك من أضرابه ؟ 22 صفر 1388 ، 19 / 5 / 1968 قطوف للعيون غضبت عليّ وعينها لم تغضبِ بفم تبسّـم عن نجوم الغيهـبِ وحديثها جملٌ تقاصر طولها كاللؤلؤ المنظوم صافي المذهب وأنا كبدر تاه في أفق السما لا الليـل يحويـه ولاقلب النبي 8 - 3 – 1967 لي في العيون سحابة ما أمطرت إلا على غيب الجناح السامق الليـل والنجمـات في أطرافـه أسرار نبضات الفؤاد الوامـق 3 – 3 – 1967 لي في عيونك قصة ما أُكملت إلا على نبض الفؤاد القاتل تختال في الأعصاب ذكراك التي جعلت حياتي ألف معنى ماثل وإذا العيون تصافحت عند اللقا فالزيت والقنديل شغل الشاغل 15 – 1- 1967 الليل يسهر في عيونك قانعا بالحلم طاف بهدبك الخفاق شقيـت به أيامـه فإذا به يلفى بهدبك رعشة الأشواق وأنا طيوف الليل تحيا أمنـَه ما الرعد يكفيني بلا إبراق 5 – 6- 1967 باحـث أبحث عن عينين غشّـاهما غيب من الحلام لا يوصف يغرق في بحر المنى ها هنا قلب لفـن العوم لا يعـرف يضيع في جوف محاراته ومن نـدى لألائه يرشـف لا ظمأ لا نصب موهـن متكئي في لؤلؤ يرسـف أبحث عن عينين غشـّاهما موج على موج بدنيا الضباب أتيـه في صحرائـه مترفا والماء في عينيّ بعض السراب الحسن في أبعـاده خاطـر قد عزّ فوق البال فوق اللباب لولا حديث الرب ما صدّقت عيني بأن الحسن بعض التراب 23 – 10 - 1966 في عيد ميلادك يقدح الميلاد في جنح الدجى ومضة السبق الى المستقبل ويخط الشمع في سفر المدى كـل ّّمـا قد فاتنـا من أمـل ومذاق الكعـك يحلو بعدما قد تجرعنـا كؤوس الحنظل والتهاني كالندى تغمرنا حين توحي بالهوى لا تأتلي وترى البسمات فيضا طامحا كعبير الزهر طلـّت من عـل وهي تغري كل طير في السما فاذا تسبيحـه من قـُبــَل سنة أخرى على أفق الدنى خطـوةٌ من غابـر للحاضر حدها اللاحد في عمق المنى موجة تسري بيمّ الخاطر زلزلٌ في النفس من اصدائه فكرة الفن وقلب الثائر اواخر 1968 قطيعـة يا فؤادي لمن أقول قصيدي ولمن تشعل الدماء بصدري فالحبيب الحبيب ليس الوفا صمّ أذنيه عن غنائي وشعري كنت أرجوه في حياتي حياة تجعل الخلد عند قولي وأمري والجنان الفساح مرتع نفسي جوها الشعر دافقا مثل نهـر والسماء الضحوك بعض فضائي وخيالي ينيـر في كل فجـر وعيوني تسابق الطير فيها تدع الطير دونها الف عمـر ثم جف ّالربيع وهو شباب ما الربيع الربيع من دون زهر اواخر 1967 خـولـة ما مثل خولة في الوجود حبيبُ الأرض تسأل والسماء تجيب والزهر من تذكارها انفتحت به أسرار حسن في الدروب تجوب واذا طيور الجو نشوى كلهـا فلذكـرها عند الطيوب طيوب وكذاك أنداء السماء تقاطرت عطرا يسبـّح باسمها ويذوب اما فؤادي فالدماء غدت به فيضـا له في جانبـيّ دبيب فبكل نبض عرفـُها فاحت به وبكل عضو تستظـلّ قلوب لا سحر َ إلا عينها ترنو الى أفقي فيبدو في السما ويغيب أو غمزها حلم يتيه على الرؤى وأنا لرؤيا وحيهـن ّ أنيـب 22ربيع الأول 1388 18 حزيران 1968 (خولة هي اختي الصغرى ، وقد ارسلت القصيدة لها في عيد ميلادها الرابع ) بين الليل والنهار ما للغواني والفنون فإنهن الفـن ّ كله يصحو على غيب الظنون جناحه الآفاق ظله يختال في الشعر الندي يموّج الأزهارَ طلـّه ينساب في بدر وئيد الخطو من خدين أصله الغمز في جنباته : إغراء مبسمها ونصله وأكاد أعثر بالعيون إذا نظرت الى السماء ليلي على سود العيون يشع فيهن الضياء ونهاريَ العينان زرقاوان يفتنها النداء وانا أطوف الأفق مثل سحابة من دون ماء في جنحي الآهات والآلام والداء الدواء 26-10-1966 صلاة ومناجاة يا فؤادي كل أحلامي مع الشمسِ تغيب فإذا الأنوار وهم من خيالات الطيوب وإذا الماء سراب تاه في درب قطوب ليس من لحن ولكن ضجة ٌ تُصمي القلوب هذه روحيَ ترتاد مجاهيل السماء أسمع الخطوات دوما في ثنايات المساء وتدق الباب بعد الباب في صوت الرجاء وهي تمضي لا تمل الدق حتى في العياء قلمي في يدي اليمنى يخط الفكرَ سطرا يتمنى أن يديل الظلمة الدهماء َ فجرا أين من يقراُ أفكارا وأحلاما وشعرا ؟ أين من يزرع درب الكون إغراء وعطرا ؟ قدمي تخطو على نهج الصراط المستقيم وملايين ٌ من الأقدامِ قد ضلّت على الدرب الوخيم وأنا الانسان في حزني ضحوك ٌ وسقيم أين من يمضي يغني لاشتياقات النجوم ؟ يا الهي لك حمدي فوق ما يقوى لسان كيف في روحي نفحتم فاذا الترب ُ جنان كيف من علمِك أوحيتَ الى اللب ِّ البيان كيف من عطفِك أضفيتَ على الدنيا الحنان يا فؤادي كل أحلامي مع الدربِ تولّي إنما الأنوار رجعٌ من نداءات التملّي ها هو الشعرُ قراحٌ ينعش النفسَ ويعلي وكذا اللحن دعاء ٌ من فؤادي إذ يصلي الأحد 4-12-1387، 3-3-1968 نقحت الأحد 14-1-1403 ، 31-10-1982 رسالة الى بشير كان الزميل ( من أيام الجامعة ) بشير الخضراء يعمل في قطر ، وتوفي والده وهو في الغربة ، وانقطعت رسائله الى حين ، فكتبتُ له : هذا الصباح جميل لو شمتُ فيه سحابك وإن َّ خيرَ كلامٍ نظمت ُ فيه عتابَـك ما كانت الشمسُ شمسي إن لم تحيّ جنابَـك كم غازلتها عيوني لما حدجْتُ لُوابـك قد غُُصّ حلقي بقولي فأين مني عيونك أحتارُ أين الثريـا لما تغيبُ جفونك والدمعُ في مقلتـيّا ثلجٌ فأين حنينك ؟ لم يرق َ أو يهمِ دمعي قد ضلّ منه أنينك إن المصيبة َ هولٌ وإنها اليوم غولُ نأي ٌ وفقدُ جناحٍ يقيك وهو الظليل ُ هذا الفراق ُ مثنى فاليتمُ هم ٌ طويل ُ والاغترابُ فراق ٌ ومن يعشْه ذليل ُ دنيا ضياع ٌ معنـّى للـهِ فيهـا بلاء ُ دنيا سماءٌ تخلت ْ عنها النجوم ُ الوِضاءُ سعي ٌ وسعي ٌ وسعي ٌ هبـاء ُ ثم هبـاء ُ لولا خيوط ٌ تدلّت قد لاح منها الرجـاءُ رحماكَ ربي فإني لا أستسيغُ وجودي لولا حقائق ُ صدقٍ لا تحتويها حدودي القلب ُ نوعان : قلب ٌ قد ضلَّ حتى الصديدِ وقلبِ مؤمنِ حقٍّ أنشأتَه من جـديدِ 10-8-1983 هـ 26-12-1963 القدس وعمـران (في صيف 1966 كنت ازمع السفر الى امريكا لمواصلة الدراسة ، ولم اكن زرت القدس من قبل. فقلت لنفسي ازورها ، وبخاصة ان ضابط مطار قلندية كان ابن عمي (عوض ) . وهكذا ذهبت يوم 17-7-1966 . واحتفى ابن عمي بي ، ودخلت مسجد قبة الصخرة ، ولم اشعر بالخشوع وانا اصلي به ، لأني وجدته مسجدا للسائحين ، لكني ارتحت اكثر في المسجد الأقصى . في الليل ، رأيت ان الأردنيين سلطوا على السور اضواء كاشفة ، فارتعت؛ وكان ابن عمي قد عرفني الى علية القوم الرسميين وغيرهم مع صلاة العصر وهم يحتسون خمورا ؛ وفي الليل اخذني ابن عمي الى ملهى ليلي على طريق رام الله ، وانا الذي قضيت ست سنوات في بيروت ولم ادخل اي ملهى بها. وكنت عدوانيّ السلوك في الموقفين. وعندما آويت الى الفراش بعد منتصف الليل ، لم استطع النوم . وصعد الى ذاكرتي عمر بن الخطاب ، وهو يقود بعيره داخلا القدس– ايلياء آنئذ – وكذلك ، حادثة قصها قبل اسابيع عمر بهاءالدين الأميري عندما انتظر صاحبا له في ملهى بسويسرة ، وطلب كأسا من العصير، وكيف أن النادل عرض عليه خدمات اخرى معروفة . وهكذا ولدت هذه القصيدة حوالي الواحدة والنصف من صباح اليوم التالي 18-7 ) عيناي في الملهى مع الخمور والإثـمِ والنساء والفجـورِ وجمع راقصين لا يبالي إن نامت الوحوش في الوكور او مات من مات بلا حروب سوى حروب الجوع والضمير يملأ اذنيّ من الازعـاجِ يقال موسيـقى بلا طنبـور لا طربٌ لا عزة ٌ لا مجد ٌ وأنكـر الأصوات للحميـر لا مدفع يرنّ لا نفـّاث لا قنبل يفجر في الصدور ملهى يقال واليهود حولي لاهون بالمخبوء من مقدوري بخطة سوداء ليس فيها غير حقيق الويل والثبـور ملهاك يا هلتـنّ لا ينام والقدس هذي جارة تنام والشيخ جرّاح ٌ، أجل جِراحٌ مناطق اليهود أو حـرام والسور يبكي دمعه تراب ٌ عن مثله قد دقـّت الأفهام قد سلـّط العرب عليه ضوءا فما جفون عافهـا الوئام وسلـّط اليهود نحو سوري والناس في الملهى وحول سوري مدافعا قذيفهـا الضـرام ماشية ٌ بهـائم ٌ أنعـام رجالها ديدنها المعاصـي ربـّاتها النساء ُ والمدام نساؤهم صفر من العقول وربـّها نموذج ٌ حـرام القدس والملهى على وفاق يا من رأى اعجوبة الزمان هذا الهلال والصليب فيها مؤتلفـان أو متعانقـان والقدس والملهى وفي جناني يصعد كالأشباح عمـران هذا يخط عهد صفرونيوس فيا كنيس لك من أمامي وآخرٌ في سويسرا في ملهاه يسحر للكـون من البيان يا عمريّ أين في ذكراكـم أبا براءٍ أين أين بوح ٌ كأنني أقود نحو قدسي يا قلمي كفّ عن الكتاب ويا نسيمي لا أريد وحيا ملاحم تصول في الميدان يعزني في لحظة ِ الهوان ِ عير أبي حفصٍ بلا تواني فساعدي اشتاق الى الضراب فان خير الوحي في الحراب ذكرتك يا قدس صباح الأحد 21 شوال 1387 الموافق 21 ك2 1968 ، صباح مشرق . الشمس تسطع على الثلج الذي غطى الأرض، كما رأيته من شباك شقتي في ايست بروفيدانس . واذاعة محلية تذيع بعض الأغاني العربية. وصعدت الى ذاكرتي القدس ، وما تلاقي تحت الاحتلال الصهيوني . وكانت هذه القصيدة . ذكرتـُك يا قدس في خلوتـي ففاضت دموعي من مقلتي صباحي جميل ٌوشمسي ضحوك تشع سنـاءً على دنيتي ووجهك فحمٌ وشمسك نـارٌ جحيم يـصب على صخرتي ذكرتك والماء فوق الخدود يدغدغ حلما من اليقظـة وماؤك سـم ّ ونومك غـبّ وطفـلك جسـم بلا مهجة أأغسل وجهي من لوثة م الغبـار وما تلك من لوثـة وأترك وجهك نهر الدماء وولـغ الكـلاب بلا غسلة ذكرتك والصوت صوت الخنا مريض وذلك أغنيـّتي وما علموا أن لحني الأزيز ُ يبوح بـه عزم طيـارتي ذكرتك في خاطر شـلّه قطـار طويل من القادة وجمع عجيب خؤون كفور وشعـب ينام على سبة ولا من يقوم ولا من يثور فيا أرض ميدي ابلعي أمتي سأبدلهم بالرجال العظام بألف ابن أيوبَ من جنتي بأبناء بدرٍ واخوانِ سعدٍ شديدي التمسـك بالسنـّة شعارهمُ مصحف في القلوب وأسيافهم للعدى سلـّت أقل من النصر لا يقبلون سوى الموت فوق ثرى الرملة شعارهمُ مصحف في القلوب وأسيافهم للعدى سلـّت أقل من النصر لا يقبلون سوى الموت فوق ثرى الرملة هـم ونحـن شن اليهود الصهاينة ، كعادتهم ، عدوانا واسعا على الجبهة الأردنية ليلة الخميس 28/5/1965. وكان مجلس وزراء الدفاع العربي مجتمعا في لقاهرة . واصدر بيانا شديد اللهجة . في اليوم التالي كنت خطيب الجمعة في مصلى سمحت به الجامعة الأمريكية في بيروت ( اغلق فيما بعد )، وكانت هذه الأبيات : هم يعتدون بفيلقٍ لجب فنجيب نحن بأبلغ الخطب ولهم دويلتهم مرفرفةٌ أعلامُها حتى على الشهب ولنا منظمة وقد ولدت شوهاءَ قد لقحت دم العطب ولهم مجامعهم وخطتهم ونتاجهـا سيـلٌ من الكرب ولنا اجتماع قمامة نتن ونتاجهـم طن من الكتـب وهم ملاييـن ٌمبعثـرة قد اثمروا بالجـد واللعـب شبانهم والشيب منخرط في الجيش يحمي دونما لغب ولنا ملايين ٌمجمّعـة مئة ، ويا للهول من قضـب يتبجحون بأن بصقتهم كاليم تهـلك دولة النـوب يا قوم تكفينا مهازلكم انا ظمئنـا للدم الثعـب وا إسلاماه تصرخ الصخرة وا إسلاميه صرخة التاريخ في أعماقيه نور ُ محرابي َ لا زيت َ بهِ من دماء الشهداء ِ الغالية منبري ليس على أدراجه ِ مقول ٌ للحق يزجي قافية وسجاجيدي َ حمراءُ أجل ْ فهي َ خجلى ما بها من داعية عريت من ركعات كلها مسحة الطهرِ لنفس راضية ويح َ جوي ما به عطرُ التقى شله سم ُّ الوحوش الضارية وعويل ٌ لليتامى جوعا يا الـهي أين امي الغالية ؟ وأنين ٌ للثكالى نوَّحـا بدموع ٍ فوق خد ٍّ جارية وأزيز الطائرات اندفعت نحو أعشاشِ الطيور ِ الخاوية فإذا لحميَ نهب ٌ ضائع ٌ وإذا عرضي َ عرض ُ الجارية وأرى التاريخ َ سيلا دافقا بحنيـن المكرمات ِ العالية يوم نادت "جلنار ٌ" بطلا سمع َ التاريخ ُ وا اسلامية فاذا أبطالُ مصر ٍ حمم ٌ بُرَكـان ٌ هادر ٌ كالطاغية وزئير الأسدِ من شام ِ الهدى حين هبـَّت كسموم ٍ عاتية كتبت جالوت سفرا خالدا لسيوف ِ المسلمين الماضية أيها التاريخ سجلْ " فتحنا " شفق ُ النور ِ بليل ٍ داهية عادت الأبطال ُ تحيا أمسِها وهي َ تغذوه ُ كأم ٍّ حانية بطيوف ِ المجد ِ كالوحي ِ رؤى ً صادقات ُ الوعد ِ ، والوعد ُهيه بالدم القاني بمسك ٍ عنبر ٍ بيد ٍ بترا بعين ٍ رانية بلسان ٍ لفظه من صدقـِه يحمل ُ الموت َ الى أعدائيه فإذا هام َ فلا ليلى ولا... قلبـُه للـه ِ فوق الرابية وإذا غنـّى فلا آهٍ سوى صرخة الصخرة ِ وا إسلاميه 1968 كتبتها بعد ما صرنا نسمع عن عمليات الفداء من قبل فتح . الظلـم في بلادي في بلادي ينبت الظلم كاعشاب النجيل ممعنا في الأرض بالجذر الطويل خانقا كالموت ما عنه محيل كلما قلمت َ من اظفاره ِ عاد دفاقا كدفق الزمهرير * في بلادي يزهر الظلم ُ على كل طريق يفتن الخصم َ ويغري بالصديق لا يبالي ، أرضه من صخرة ٍ صماء َ أو طين ِ رقيق وسواء ً غاضت الأمواه ُ أم جادت بوبل ٍ ودفوق واذا استبشرت ِ في أزهاره ِ صرت ِ كالمدمن ِ حيا مثل َ ميت * في بلادي يعبد الظلم َ ألوف العابدين وله في كل قلب ٍ ألف ُ محراب ٍ لعين كم زعيم ٍ قد تراه ساجدا في الأولين كم وكم ومن كادح ٍ تسبيحه شدو ُ الأنين صنم ٌ قربانه روح ٌوعقل ٌ وجسد ويجازي بجحيم النار أتقى أتقيائه * في بلادي الناس أصفار ٌ سخيفة لعبة للحاكم المأفون ِ ليست لتخيفه تارة ً يجعلها من عن يمينه تملأ الجو َّ نعيقا وضجيجا وهي َ قطعان ُ كلاب ٍ في عرينه تملأ الفجر َ أنينا ونباحا ولأمر ٍ من أموره فهي تمضي عمرها من عن شماله حيث تجتر ُّ حياة ً تافهة تطلع الشمس ُ عليهم وتغيب يزحف الليل ُ وهم في كهفهم في سبات الموت من دون وجيب * أيها الأصفار ُ أيها الأصفار ُ ثوري بالحياة أنت ِ سر ُّ اللـه في قفر ٍ فلاة واخنقي الأعشاب َ في أرض ِ النجاة وادفقي بالدم ِ للـه الأحد واعمري الأرض َ صلاحا ورشد * فوق درب ِ اللـه ِ لا يسري ظلام حيث نور ُ اللـه ينهار الظلام وهتاف ُ الكون ِ لا لا للظلام 21-3-1973 الضمير والحياة خراب البيت ليس هو الخراب اذا كان الضمير بـه حياة وأرض اللـه واسعة اذا ما على الانسان قد عزّت نجاة ومن ضاقت عليه النفس يوما فإن اللـه تدنيـه الصلاة ك 2 / 1969 ولو أنّ انتخبنا الزميل عدنان المحتسب مسؤولا اعلاميا لجمعية الطلاب المسلمين في إمريكا ، في الاجتماع السنوي للجمعية في ايلول 1967 . وبعد أسابيع ، أرسل لي رسالة يقول فيها إنه عينني نائبا له في المنطقة الشمالية الشرقية . وشعرت بالاهانة ، فأرسلت إليه الأبيات الآتية : ولو أن ما أسعى لمنصب نائب لعدنان كنت اليوم من دون همة ولو أن نفسي طاوعتني لمركز أُحـط ُّ به ما كنتُ من خير منبت أسافـر آلافـا وأقطـع أبحـرا لغير العلى إني أخـون مـروؤتي وأعلى مكان في الدنى دون مطمحي وكم منصب لن يعرفنّ زعامتي المعلم المحظوظ كانت جريدة المحرر(جريدة القوميين العرب) في بيروت تنشر على صفحتها الأخيرة زاوية تسميها "امام الكاميرا" ، صورة مع تعليق مناسب. في أحد اعداد ايار 1966 نشرت موضوعا عنوانه " الله يعطيك العافية يا استاذ " . والخبر هو ان الأستاذ هوليوت شارلز هو معلم فن التقبيل في هوليوود . وقد تخرج على شفتيه ممثلات مثل اودري هيبورن ولانا تيرنر ودوريس داي وساندرا دي وشيرلي ماكلين وغيرهن . وككل استاذ مخلص فالدرس عنده نظري وعملي . وقد نشرت الجريدة ثلاث لقطات من الجزء العملي وهو يصر على الإعادة حتى تتقن الطالبة درسها . هكذا الحظوظ ! هو معلم وانا وربما انت معلمون ! وكانت هذه الأبيات : ويهزني هذا الرفيق بلهفة انظر لهذا الشخص كيف يجيد هذا المعلم ، ويل كل معلم إلاّه فهـو معلـم مجـدود هذا يعلم دونما طبشورة لا فنـّه كتـب ولا تشديـد لا تعجلن ّ فليس يقبل عنده الا الحسان المفردات الغيـد هذا يعلم فنّ تقبيل اللمى باللثـم يبدأ ما يشـا ويعيـد وطريقـه نظريـة عمليـة وشعاره الإخلاص والتجويـد أسلوبه متساهل متسامح ما عنده عنـف ولا تعقيـد ضُمّ الشفاه وأسبلن أجفانكم وأعد دروسك فالنشيط يعود عيب تقول له الجريدة ضلـّة بل دمت يا استاذ يا محسود في ذكرى الحبيب وقريبا من بيته قربي لي الكؤوس من وجنتيك واختمي بالرضاب من شفتيك زينيهـا الحبـاب عقـد لآل عبق العطر ذاع من شفتيك ويـح قلبي اذا تجـرع كأسـا واستزاد النقول من عينيك والجفون المراض يرقصن جذلى نغمـات الهناء من هدبيـك ومكان اللقا جبين مـضيـىء سورته الغابات من فرعيـك ذاك عهد من الشباب تقضّى لو يعيد الشباب ماضيـه حينـا اذكرتنيـه فيك آثـار ورد نام في حضن شوكه مستكينـا وقطـوف عهدتها يانعـات وربـوع مشـعـة ياسمينـا كلما اجتزت ساحة الحي هاجت تلكم الدور شوقنـا والحنينـا يقف القلب وقفة الموت فيها وعيونـي تراك شكـا يقينـا ثم ّ أمضي كقائد خاض حربا أترع الكأس بالدموع الجواري ربما اغتاظ من أحب اذا ما طال وقفي على محيـا الديـار أنطوي في ظلامة الليل وحدي أسأل الحب أن يديم اصطباري لن تروا من يصون عهدا كقلبي أو أوارا يدوم مثـل اواري إن قلبي يجـدد العهـد دومـا وهو يسقيـه بالدموع الدرار 4 – 1- 1962 مع قاسم غزاوي زميلي في الثانوية والجامعة السيد قاسم غزاوي كان السكرتير الثاني في سفارتنا في لندن . أرسل الي رسالة يشكو فيها إفلاسه . وكنت في حال من الإفلاس لم أبلغها من قبل . ولذلك حييناه بجنس تحيته وأحسن شكلا : لا تسأل البنك ما مالي وكثرته فإنني مولع بالصفر من حين صفر من الذهب الإبريز طلعته ووجهه صامت قد قدّ في الصين شهر طويل أراه عن شمال يدي إ لا نهارا يتيما في الميامين اما الجيوب فلا تسأل مكانتها فالجيب كالطبل شكل دون مضمون كم من فتاة لنا في الدرب بسمتها وبسمتي نبضة كالهم تعروني تركتها دون أن أدعو بمؤنقها لجلسة شابها صرف الفناجين وكم وكم نظرة في السوق أمطرها لبدلة حسنها في خير تكوين أعرضت عنها وكتفي ساقط تلفا والصدر يلهث من آهات محزون لو تعلمنّْ بأنْ نظارتي انتحرت فقلت موتي اذن من دون تكفين لقلت يا حسرة ما العيش حينئذ عد بي الى الحصن أو عد بي إلى الطين ياغربة ما لها أخت بقسوتها أعيشها بين معمود ومحـزون 1-11-1967 أغنية الى العندليب هذه ترجمة شعرية لقصيدة الشاعر الإنجليزي جون كيتس بهذا العنوان ، كانت مقررة في السنة الأخيرة من الثانوية . ماذا بقلبي يقاسي كل تعذيب فلا أقاسي كمهموم ٍ ومحروب ِ هل خدّرتني َ كأس أو ثمالتها حتى رمتني بتسهيد ٍ وتقطيب ِ لا لا تظن َّ بأني حاسد نهم ٌ لصوتك العذب مجلـّي هم َّ مكروب إني سعدت ُ بنعماك التي ظهرت على محياك َ في شدو ٍ وتطريب ِ فاصدحْ بصوتك يا جنية َ الشجر ِ أمطرْ علينا بلحن ٍ منك مسكوب ِ وقهوة ٍ عُتقت دهرا وباردة ٍ لهفي على كأسها ما كان من كاس ِ مزاجها الظـَّلم لفلورا تخالطه روائح الزهر نورا مثل َ مقباس ِ أهدت الى الثغر ثم الخد ِّ حمرتها وذي فقاقيعُ غمزى في فم الحاسي أغزو همومي َ بالصهباء صافية لا دارَ أوحالها ، لا دار َ أرجاس ِ أريد في عشـِّك العالي أشاطرك َ م السكنى ألست َ سعيدا دونما هم ِّ؟ فقد غرقنا هنا في الماء مالحِـه من ملح أمراضنا والحقد والغـم ِّ كلُ يشاكي أخاه همه، فترى آثار شعرهم ِ رقصى من السقم ِ ويلتوي الغصُن الريان من حُزن يموت كالشبح المضنى من الهم ِّ ولا جمال ٌ فلا حب ٌّ يرافقه قد أصبحت عينها من دون ما سهم ِ لا لا أريد شمولا قد عزمت ُ بأن أعلو بأجنحة ٍ من شعري َ التبري وقد أُحارُ فهذا العقل ُ يمنع أن ْ أواصل الوحي َ في جو ٍّ من الطهر ِ ها قد وصلت ُ وأبدى الليل رقته ويسكب ُ القمر الأضواءَ كالقطر ِ قد حفت الأنجم الزهر ُ بسيدها تحميه من نوب تحميه من غدر ِ أنا هنا حيث لا ضوء ٌ يؤانسني سوى الذي يخرق الأشجار في زهر ِ أضواني َ الليل والظلماء حالكة ٌ فلا أميز ذي ألأزهار من حولي قد حُمِّل الريح والأجواء قد عبقت بكل عطر جميل منحة الفصل ِ فذا الربيع وهذا الغاب في دعة ٍ كذا البنفسج ُ ذات العمر كالوصل ِ ومسك أيار َ ندمان ٌ له حشرا ت ٌ تنهل الراح ممزوجا مع الطل أصغي لظلمتها والليل قد راقا "بتنا لها حين نام الدهر سراقا " أهيم بالموت أرجوه وأنشده ُ وفي قريضيَ كم ناديت مشتاقا أريد منه خلاص الروح من تعب ومن هموم ٍ بها صدري لقد ضاقا ولو أتى الآن والأنفاس قد سكرت يطير بالروح في الآفاق خفاقا وأنت تمضي بتغريد فلا سمَعا مني ، وترثي فلا قولا وانطاقا لم تأت للموت بل للخلد داعيه تحكيه لناس في صوت تغنيه فلا الجياع من الأجيال يمكن أن تقصي عن العرش مَن باللحن يرسيه فصوتك الحلو في هذا الظلام لقد أسمعته لفقير ٍ بله َ ذي التيهِ ورب راعوث قد تاقت لموطنها لما صغت لغناء ٍ أنت مجريه أو رب في أبحرٍ هاجت شواطئها مجهولة برزت حور ٌ تناغيه "مجهولة" هذه يا بعد مرماك ِ فقد رجعت ِ أيا نفسي لمرعاك ِ "مجهولة" جرس قد دق فانتبهت نفسي لدقـتِه لو ما سمعنـاك ِ يا عندليب وداعا لو قدرت على خدعي تماما فقد طفنا بأفلاك ِ ألحانها تتهادى في معارجها بين السهول وبين الحَزن أصداك ِ أنائم أنا؟ أم في الحلم ؟ أين ترى الغناء ُ أم في خيال ٍ كان فتاك ِ؟ آذار 1958 الحب الكبير وصفوا الشفاه بأنها محمرة ٌ والأرض أكثر بالنقيع القاني كلَف المحب وعشقه وغرامه عار مقابل حب ذا الانسان ِ يا حب ُّ من عينيكَ ضاع ضلالها لما بصرت ُ بأعين العميان ِ والقد ُّ أهيف ُ ضاع منه لذيذه قد بز َّه قد ٌّ وطعن ُ سلاح ِ وتدحرجت جثث هناك وربهم يبدي قليل َ البال والاصلاح ِ حتى يشنجهم هوى في قلبهم والموت ُ شاب َ وقلبه كصفاح ِ ليس الغناء بفيك أنعم َ مسمعا والريح تمتمة بسقف عال ِ والصوت منك ولطفه بعشية ٍ أصواتهم أغلى وصوتك غال لا أذن َ تسمعهم اذا ما صيحوا فالأرض للأفواه كالأغلال ِ أتقول قلبي دافىْ متعاظم ٌ وقلوبهم عظمت من الطلقات ِ ويد المحب بها الشحوب ُ ممثل ٌ إن الشحوب أشد في الأموات ِ يده التي حملت صليبك في اللظى حق َّ البكاء ُ حُرمت َ من لمسات ِ ترجمة قصيدة بهذا العنوان للشاعر الانجليزي ولفورد أُون Wilfred owen 1893-1918 . 1963 الى الأهل أي داء ٍ أدوى من الاغتراب عند بعد المدى ونأي الصحاب ِ والسنون العجاف تمضي وئيدا يومها أمس ِ عند رجع الجواب ِ أقطع الدهر َ أوحد َ العزم فذا نغمـا تائهـا بدنيا خراب ِ غير َ عقلي منارة ً أهتديها يُخرس الشك َّ مثل لمع الحراب ِ ونشيدي في نبض قلب شجيٍّ جاوبته الرعود ُ بين السحاب ِ وعيوني تكـاد تقرأ فيها أعذب َ السحر مثل آي الكتاب ولي الله صاحب ٌ كل حين ٍ ومعيني في سؤلـتي وطِلابي يا لك اللـه ُيا فؤادا تجلت في نواحيـه صورة ُ الأحباب ِ هذه بسمة ٌ تسابق أخرى في شفاه ٍ من همسها اطرابي عش ْ مع الصورة ِ الخيال ِ فريدا لحظات ٍ تحيي همومي وصابي أين مني مجالسُ الحب ِّ صفوا والحديث ُ الشهي فيها شرابي عن يميني وعن شماليَ أهل ٌ هم لي َ الدار والوصيد ُ وبابي ها أبي وجه ُ مؤمن ٍ في إباء ٍ بسمات ُ الرضا بدون حساب ِ أين أُمي وعينها فيض ُ حب ٍّ وحنان ٌ يزيح ُ عني ارتيابي أين عبدالعزيز ُ يزهو اجتلاء ً هو للقلب ِ شمسـُه لا أحابي أين عبدالجليل أعماق ُ سر ٍّ فيصل ٌ صارم على كل ناب ِ يقدح العزم ُ في جبينك عبداللـه م قدح َ الشرار ِ وسط َ اللهاب ِ ولقلبي أحلامه من نضار ٍ عند عبدالالـه تاج الشباب ِ والى مطمحي تثقـَّف َ رمح ٌ هو عبدالرحمن صدق ُ الضراب ِ يا رعـى اللـه ُ لي أخوات ٍ هن َّ نظم الجمان ِ مح ُّ اللباب ِ لي نوال ٌ وهاجر ٌ في فريق ٍ عند ذكري لهن َّ غاب سرابي وبهند ٍ سموت ُ فوق الثريا حيث غيري أنوفهم في التراب ِ إن َّ حبي الأكيدُ خولة ُ قلبي قد أبحنـا لهـا دماء َ شبـابي 11 جمادى الأولى 1388 5 آب 1968 الفهرس الصفحة العمل الصفحة العمل 3 تجربتي مع الشعر 6 صاحبة الصليب 8 ما بان منها فهو بان 9 السيارة المحمومة 10 معرض الأزياء 11 مناجاة 13 من شارع الحمراء 14 يعذب الظلم 15 بانت 17 إلى مسكين الدارمي 18 في يوم النساء 21 إلى طالبات ثانوية اربد 22 حلوة أنت 24 قلم الحمرة 25 مد وجزر 26 سيرة الحب 28 السلساال 29 المادة ليست كل شيء 30 من هي ؟ 32 طلبت مني قصيدا 33 الربيع 34 يا ليلة 35 قمر يسبح 37 مغيب الشمس 38 رسالة إلى أبي براء 40 شفتاك 43 قطف أزاهير 44 منى وقوس قزح 45 على درج البريد 46 ت و ن ي 47 فوق السحاب 49 العيون المعجزات 50 تائه في المدى 52 في درس جاك 53 شاردة في درب الله 54 من أجل رام الله 55 من وحي سبرنجفيلد 56 صادق الحب 57 قبلة 59 قطوف 61 باحث 62 في عيد ميلادك 63 قطيعة 64 خولة 67 بين الليل والنهار 66 صلاة ومناجاة 69 رسالة إلى بشير 73 القدس وعمران 75 ذكرتك يا قدس 77 هم ونحن 78 واإسلاماه 80 الظلم في بلادي 83 الضمير والحياة 84 ولو أن 85 المعلم المحظوظ 86 في ذكرى الحبيب 88 مع قاسم غزاوي 89 أغنية إلى العندليب 93 الحب الكبير 94 إلى الأهل

Wednesday 6 March 2013

أهمية تعريب التعليم العالي في تحسين مخرجاته


أهمية تعريب التعليم العالي في تحسين مخرجاته

الأستاذ الدكتور عبد المجيد نصير

مجمع اللغة العربية الأردني

أستاذ الرياضيات

جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

 

الملخص

عنوان هذه المقالة غريب مستهجن، بل إنه مستنكر لو طرح على أمة أخرى لها لغتها وثقافتها وحضارتها. وتكرار طرح مثل هذه الأسئلة بحد ذاته مصيبة تضاف إلى مصائب الأمة العربية العظام. لكن تعريب التعليم العالي قضية من قضايا هذه الأمة كجزء من قضيتها العامة في التحرر من الاستعمار والاندفاع نحو الاستقلال التام. وربما علينا أن ندرج قضية تعريب التعليم العالي في جدول مطلوبات الربيع العربي الذي نعيشه.

ومقالتي هذه، كمقالات أخرى كتبتُها وكتب زملاء كرام أمثالها على مدى سنوات طوال، هي مرافعات في محكمة اللغة والهوية والاستقلال والكرامة أمام قضاة هم الخصوم، كتبوا أحكامهم الجائرة قبل أن يسمعونا. وهم أحد صنفين من القضاة ذكرهما الرسول أنهما من أهل الجور: قاض عرف الحق وقضى بخلافه، وآخر جاهل قضى بجهله.

على أي حال، سنرافع عن قضية تعريب التعليم العالي ملتزمين بالعنوان أعلاه، وهو من أجل تحسين مخرجاته، من طلاب، وأساتذة، ولغة متقدمة حية،  وكتب مؤلفة ومترجمة، وبحث علمي، واهتمام بالعلم يفوق الاهتمام بالشهادة، وإبداع يرفع سوية الأمة، والأثر الإيجابي على سوق العمل، وغير ذلك.

مقدمة

نعود إلى العبارة الأولى في الملخص أعلاه. هل من أحد يؤكد لنا وجود مثل هذا الندوات بعناوينها المتقاربة  ومحاورها المختلفة، عند أي أمة أخرى غير الأمة العربية؟ هل يفعل الكوريون، شماليين وجنوبيين، مثل ذلك؟ هل نجد أمثال ذلك عند أهل فيتنام؟ هل فعله مصطفى أتاتورك ومن سار على نهجه في تتريك اللغة العثمانية؟ أم لعله شغل اليهود في فلسطين المحتلة المغتصبة؟ بعدما أحيا دافيد بن اليعازار في نهاية القرن التاسع عشر لغة ميتة، ونبض في عروق قومه الاعتزاز بها، وصارت اللغة الرسمية لدولتهم، ولغة العلم والتدريس الجامعي، ولغة المخاطبة والأدب؛ حتى بلغ عدد من حصل على جوائز نوبل من أهلها ثمانية، منهم اثنان في الأدب! وقد نفتش في اخبار فنلندة وسكانها الملايين الخمسة، وهي عضو في الاتحاد الأوربي، عن أي لغة استعملوها في بحوث شركة نوكيا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ أهي الإنجليزية، أم الألمانية، أم الفرنسية، أم الروسية أم ماذا؟ 

لا يوجد مثل هذا الانحطاط في التعامل مع لغة من قبل أهلها، إلا عند الأمة العربية. أفهم أن نحاول إقناع غير العرب بأهمية استعمال اللغة العربية، ونسوق حججا مختلفة، ومنها تحسين المخرجات! أما أن نقول ذلك لأنفسنا، فهذا درك من انحطاط الكرامة والاعتزاز والهوية لا مثيل له.

لسنا قبيلة معزولة في أدغال الأمازون، أو في غابات أفريقيا السوداء، ولسنا دولة صنعها الاستعمار الأوربي من عدة قبائل متخلفة، لم تكن عندها حروف لتكتب لغتها المنطوقة، ولذلك وجدت أن لغة المستعمر، الإنجليزية او الفرنسية، هي الخيار الموحد لهذا الكيان الجديد العجيب. فما هي أعذارنا؟

ورث مصطفى أتاتورك وأمته اللغة العثمانية، خليطا من التركية القديمة والعربية والفارسية قليلا، ومن هنا وهناك. كانت غايته أن يوجد أمة تركية من حطام الماضي وبقايا الهزائم ومن ماض مجيد. وبغض النظر عن تقويمنا، من وجهة نظر إسلامية لما فعل، فقد أدخل الحرف اللاتيني، وبدأ بتتريك الألفاظ والقواعد، وأمر بأن يكون التعليم في جميع مراحله بالتركية، وأوجد المجمع اللغوي ليغذي هذه اللغة ويقوي حيويتها. وها هي تركية اليوم، الاقتصاد السابع عشر على المستوى العالمي، بتعليم راق متقدم في جميع مراحله. ولا يفكر تركي بعقد ندوة عن أهمية تتريك التعليم العالي في تحسين مخرجاته!

 أين الخلل؟

إذا كان من خلل فهو إما في اللغة أو في أهلها. وقياسا على لغات أخرى، يكون الخلل في اللغة إذا كانت لغة جامدة، لا تتطور من الداخل، محدودة الألفاظ، ليس لها تاريخ حضاري ثقافي، وليس لها أبجديتها التي تكتب بها. ومن ثم لم تكتب بها كتب أو مخطوطات. أو قد تكون لغة محفوظة بالنقوش، وقد ضاع لفظها، كاللغة المصرية القديمة المحفوظة كتابتها الهيروغليفية.

لكن اللغة العربية على خلاف كل ما ذكر وما لم يذكر. فهي لغة حية، متواصلة الحياة منذ أكثر من عشرين قرنا. لغة نزل بها الوحي فحفظها وحفظته، يتلى صباح مساء في كل أصقاع العالم، ومن كل الأعراق والأجناس. لغة متطورة من الداخل، لأنها لغة اشتقاقية بصيغ كثيرة، ذات أصوات كثيرة لا توجد عند اللغات الأوربية؛ وهي قادرة على هضم ألفاظ أعجمية وتعريبا جرسا ولفظا، وقد فعلت. وهي لغة لها التاريخ الحافل حضارة وثقافة، ومخطوطات وكتبا. حملت كل ميادين المعرفة قديما وحديثا. وأثبتت قدرتها على الصمود والتحدي امام لغات المستعمرين، وهي لغة حاضرة في الحياة، يتحدث بها مئات الملايين يوميا.

 ومع ذلك، ايها الناس، لماذا عليَّ وعلى امثالي أن نقف في مثل هذا الموقف ندافع عن هذه اللغة، ونقنع نفرا من أبنائها، بأنها تستحق أن تكون لغة علومهم وتعليمهم وتعلمهم وتأليفهم على كل المستويات؟

وعلى الرغم من ذلك، نذكر اعتراضات المعترضين على اللغة العربية، وأهمها:

1- ليست اللغة العربية لغة علوم، أو لغة علمية. فالعلوم الحديثة من طب وعلوم تجريبية أو تطبيقية لا تكتب بهذه اللغة. فاللغة الإنجليزية هي الأوسع انتشارا في التأليف والبحوث المنشورة والدراسات العليا.

2- اللغة العربية فقيرة في المصطلحات العلمية،  وحتى الموجود منه نجد فيه اختلافا بين قطر وآخر.

3- عدم توفر الكتب الجامعية لمختلف المستويات، أو عدم تنوعها. وكثير من الموجود سيء الطباعة والإخراج بل والكتابة. وكذلك، عدم وجود المعاجم المتخصصة

4- عدم وجود الأستاذ الجامعي المؤهل للتدريس بالعربية.

وللنقاش، نسأل هؤلاء السادة المخفيين، ما هو تعريفكم للغة العلمية؟ وما هي الشروط الواجب توفرها في لغة ما لتصير لغة علمية؟ علما بأنني لم أجد، على كثرة تفتيشي، تعريفا جامعا مانعا للغة العلمية. ألم تكنْ اللغة العربية لغة العلم العالمية لعدة قرون؟ لقد كتب المؤرخ الأستاذ بوير C. Boyer، مؤلف كتاب "تاريخ الرياضيات "أنه في أوربة حتى القرن السابع عشر لم يعد عالما من لم يعرف العربية". لقد وضعت المصطلحات العربية للمقابلات الأجنبية (وأكثرها يونانية)، وترجمت الكتب، وألفت كتب أخرى بوتيرة غنية. ما أجمل ترجمة ثابت بن قرة لقطوع المخروط عندما ترجم مخطوطة "حول المخروطات" لأبولونيوس، ووضع: القطع الناقص والقطع المكافئ والقطع الزائد.

ثم أيها السادة، أفيدونا هل يقبل الفرنسيون، والألمان، والإسبان ومن يتكلم الإسبانية، والروس، والرومانيون، والبلغار، أن الإنجليزية هي لغة العلم؟ بل إن الفنلنديين الملايين الخمسة يرفضون ذلك، وطبعا يرفض اليابانيون والصينيون والكوريون والفيتناميون، وأمم أخرى ذلك أيضا! ولا أريد ان أذكر العدو الصهيوني وإصراره على اللغة العبرية. وتذكر الموسوعة العبرية نص رسالة بعثها طلاب المعهد التقني (السابق لمعهد التخنيون) إلى الإدارة سنة 1913 عندما سمعوا أن النية تتجه لإحلال اللغة الألمانية محل العبرية لغة للتدريس. وكانت رسالتهم تفيض بالتحدي والغضب والتهديد بترك المعهد إن حُوّل عن لغة الآباء والأجداد!

وأريد ان أؤكد امرين: الأول، هو التعليم بالعربية شيء، والنشر العلمي بالعربية شيء آخر، مع أن بينهما صلة. والأمر الثاني هو أن البحوث الجيدة المنشورة بأي لغة، تترجم إلى اللغات الأخرى. فالأمريكان يترجمون البحوث بالروسية إلى الإنجليزية، والروس يفعلون عكس ذلك.

وثالثة الأثافي في مصيبة اللغة العربية بأبنائها، كما يقال، هو أن الآخرين استغلوا هذا الشوق العربي للاغتراب اللغوي في التعليم الجامعي، ففتحت جامعات في دول لا تعلم أبناءها إلا بلغتها، للطلاب العرب وأمثالهم؛ كما أن جامعات أجنبية افتتحت فروعا لها في البلاد العربية، تجارة، واغتراب، واستهزاء بنا، بل واحتقار، وضحك على الذقون (في بلاد نربى فيها اللحى والذقون).

ومن قال إن عندنا مشكلة مصطلح. إن تعريف المشكلة عند التربويين هو: "موقف جديد ليس له حل جاهز". فهذه مئات الألوف من المصطلحات، قد وضعت من قبل  مجامع اللغة العربية وأفراد ومؤسسات على مدى القرنين الأخيرين منذ المواجهة العلمية مع أوربة، ولا تزال المصطلحات توضع وبخاصة من قبل المترجمين في الصحف والمجلات، وتقرأ وتذاع. لذلك لا توجد مشكلة اسمها "مصطلح".

أما قضايا الكتاب الجامعي والمدرس المؤهل فهي قضايا فرعية يسهل التعامل معها ضمن منظومة التعريب.

وماذا عن الخلل في أهلها؟

هنا الخلل عميق خطير متجذر، تحرسه مؤسسات وقيادات بيدها مفاتيح القرار، ويتقوى يوما بعد يوم بعوامل داخلية وخارجية. ويزداد الخلل ويستفحل، ونحن لا نعالجه. حتى صار قريبا من السرطان في انتشاره، واستحالة معالجته.

يجب أن نفهم أن "قضية التعريب ليست تأليفا وترجمة، أو بحثا عن أصل كلمة. إنما هي قضية تفكير. كيف نفكر؟ وبأي لغة؟ ولماذا؟ وقبل تحديد أداة التفكير، يجب معرفة الذات، من نحن؟ إذ الفكر غالبا لا بد أن يعبر عنه بلغة تتماشى مع تقدم الأمة الحضاري والفكري، لكي تجد لنفسها مكانا بين الأمم تخرجها من ردهات الثبوت والجمود. وهذا يتم فعلا إذا استطعنا أن نحدد لأنفسنا منهجا فكريا بعيدا عن التدخلات الخارجية. فالثقافة والفكر العربي والإسلامي المتجذر منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، كفيل بأن يخلق منهجا فكريا يخلص الأمة من بقايا الاستعمار. . . فعلينا أن نجد لغة علمية قادرة على أن تربط الماضي بالحاضر، وتدفع الأمة إلى الأمام والازدهار. وهذا يعني أن ترتبط اللغة بالتفكير. . . أما إذا فكرت الأمة، أي أمة، بعقلها وعبرت عنه بلغة أخرى فإن الهوة ستزداد. . ." (خريوش)

موجز تاريخ التعريب

عربت هذه الأمة جميع المعارف منذ العصر الأموي، ابتداء بتعريب الدواوين. وبقي علماؤها يؤلفون ويدرسون بهذه اللغة منذ بداية القرن الثامن الميلادي. وحصلت مزاحمات بسيطة منذ القرن الحادي عشر من قبل الفارسية، ثم التركية وعلى نطاق ضيق. ولنتذكر عبارة أبي الريحان البيروني، المسلم غير العربي، عاشق العربية المتيم، إذ قال: "الهجو إلي بالعربية أحب إلي من المدح بالفارسية". وحصل قليل من الإبداع والتقدم العلمي التقني في المدة من أواسط القرن الخامس عشر حتى بداية القرن التاسع عشر. وفي الجزء الأول من القرن التاسع بدأت بوادر نهضة علمية على الطراز الأوربي في الدولة العثمانية وفي مصر على يد حاكمها الجديد محمد علي باشا (وكان أميا). وكانت لغة النهضة المصرية هي العربية، على الرغم من أن اصل محمد علي هو ألبانية. فتحت المدارس والمعاهد العليا المتخصصة، وترجمت الكتب وألفت باللغة العربية، مع أن ذلك كان مرتبطا بطموحات محمد علي لتأسيس جيش قوي حديث بتدريباته ومعداته وضباطه، وإنشاء صناعات مرتبطة بالمجهود العسكري للتمويل أو الإمداد. وفي سورية، أنشا الإنجيليون المنصرون "الكلية البروتستانتية السورية" سنة 1866، وبدأت بكلية الطب. ومع أن أكثر الأساتذة كانوا أمريكانا، إلا أن التعليم كان بالعربية. ثم وقعت مصر تحت الاحتلال البريطاني سنة 1882. فتوقفت النهضة العلمية المصرية، بعد ما حلوا الجيش الوطني، ومن ثم لم تعد حاجة للموارد العلمية والصناعية والإنتاجية التي ترفده. وفي الوقت نفسه، أي منذ سنة 1887 غيرت الكلية السورية (التي صار اسمها الجامعة الأمريكية في بيروت سنة 1908) لغة التدريس إلى الإنجليزية. وأدى إلى ان هجرها بعض طلابها، ومنهم أديب اسحاق ويعقوب صروف وجورجي زيدان.

ومع أن محمد علي أوفد البعثات العلمية إلى أوربة، إلا أن ذلك لم يزعزع عقيد القيادة أو العلماء بشأن التدريس بالعربية. ولكن ما أن بدأت الدولة المصرية، بعد الاستقلال المنقوص سنة 1923، تعيد إرسال البعثات إلى أوربة (فرنسة وبريطانية على وجه الخصوص)، حتى عاد هؤلاء المبعوثون ينشرون لغة المستعمرين، ويدعون إلى استنساخ كل الحضارة الأوربية بخيرها وشرها لكي تتقدم مصر. ومن هؤلاء طه حسين كما جاء في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، المنشور سنة 1938. بحجة أن مصر لا تنتسب للشرق العربي الإسلامي، وانها أمة متوسطية، وانتسابها إلى أوربة أقوى وأوثق وأنفع. وهكذا، صار التدريس في الجامعات المصرية بالإنجليزية لموضوعات العلوم الدقيقة والتجريبية والصحية، ولا يزال.

وكان فرمان التنظيمات العثماني الذي صدر سنة 1864 قد أوجب إنشاء مدارس في المدن العثمانية. كما فتحت الدولة مدارس عليا (جامعية) قليلة. وفي دمشق وبيروت فتح معهد للطب وآخر للحقوق. ولكن حملة التتريك التي قام بها الحزب الحاكم، حزب الاتحاد والترقي، جعلت اللغة العربية تبعد عن التعليم العالي. وبعد انسحاب الأتراك مع سنة 1918 وقيام الدولة العربية في دمشق، بدأت حملة محمومة للتعريب في دواوين الدولة وفي معاهد التعليم. وأثمرت هذه الحملة عن تعريب التعليم في سورية في جميع مراحله، على الرغم من الاحتلال الفرنسي. ولا يزال ولله الحمد.

أما قصة المغرب (الأقصى) فهي مأساة لم تنته مع خروج المستعمر الفرنسي. " فقد خطط دهاقنة ذلك الاستعمار لاستئصال هوية المغرب، وتمزيق وحدة أبنائه. ونهجت فرنسة سياسة فرنكوفونية تقوم على بث الثقافة الفرنسية في وجدان سكان المغرب، وعلى محاربة لغة شعبه، ومسخ هوية أهله" (ارحيلة)

" وكانت خطة فرنسة في المغرب أن ينشا من المغاربة أبناء لها، يتحدثون بالفرنسية بصورة تلقائية، يبدعون ويفكرون بها، ويحللون واقعهم من خلال معرفتهم بها، وبذلك ينفصلون تدريجا عن دينهم ولغتهم" (ارحيلة)

وفي المرحلة الأولى (1912-1956) حدد المستعمر الفرنسي أهدافه في ثلاثة أمور:

1- إقصاء اللغة العربية من مجالات المعرفة ومحاربتها بشتى الوسائل.

2- محاربة الدين الإسلامي.

3- تطبيق سياسة التفرقة بين السكان. وكان هذا واضحا في الظهير البربري الذي صدر في 16/5/1930 لإيقاع هوة وتفرقة بين أبناء الأمة الواحدة.

وقد نجح في ذلك نجاحا باهرا على الرغم من المقاومة التي أبداها عدد من العلماء والمخلصين لهوية الأمة.

وتبدأ المرحلة الثانية منذ الاستقلال سنة 1956. وقد ورث المغرب تركة استعمارية ثقيلة. عبر عنها بإيجاز محمد الفاسي كما يلي: "عندما استولت سلطة الحماية على مقاليد الحكم في بلادنا، كان كل ما أحدث في المغرب من ألفه إلى يائه على النمط الفرنسي، وباللغة الفرنسية، وبالأساليب الفرنسية؛ أو بالطابع الإسباني . . . بالقسم الشمالي من الوطن المغربي (ارحيلة). وبدأت معركة التعريب. وأراد المغرب أن يوقف الزحف اللغوي. ودعا عاهل المغرب الملك محمد الخامس إلى أول مؤتمر للتعريب في العالم العربي سنة1961. وفي الفترة 1956 إلى 1989 تم تعريب القضاء والحقوق والعلوم الإنسانية. لكن المواد العلمية الأخرى من علوم دقيقة وتطبيقية لا تزال تدرس بالفرنسية. ويمكن مراجعة بحث د. عباس ارحيلة لمزيد من التفاصيل. وفي خبر بُث يوم 28/9/2012، يذكر أن وكالة التعليم الفرنسي تدير 480 مؤسسة تعليمية في 130 بلدا، منها المغرب. وفيه من هذه المؤسسات 23 تحوي 19 الف طالب. مما يؤكد اهتمام الدولة الفرنسية بمواصلة سيطرة لغتها، وتخريج قيادات تحب هذه اللغة وتواصل دعمها لها.

وقصة الجزائر معروفة وإن كانت أكثر قتامة. ولا تزال العلوم التطبيقية والدقيقة تعلم بالفرنسية. وكذلك الحال في تونس.

وفي الأردن، افتتحت كلية العلوم في الجامعة الأردنية سنة 1965. وكان التدريس بالإنجليزية دون نص على ذلك؛ علما بأن التدريس في كليتي الآداب والاقتصاد كان بالعربية. وبدأت الدراسة في كلية العلوم في جامعة اليرموك سنة 1976. وكان التدريس بالإنجليزية، علما بأن القانون نص على أن يكون التدريس بالعربية، ويجوز عند الضرورة التدريس بلغة أخرى بعد أخذ الموافقات. وهو شرط لم يُراع طيلة مسيرة الجامعات الأردنية. وبعد إنشاء مجمع اللغة العربية الأردني سنة 1976 حاول المجمع أن يساهم في تعريب العلوم. وترجم كتبا تدريسية في الرياضيات والكيمياء والفيزياء والأحياء والجيولوجيا. إلا أن ذلك لم يلقَ قبولا وتطبيقا حتى من قبل الأساتذة المترجمين في جامعتهم (الأردنية)، وإن كانت كتب المجمع المترجمة قد وجدت قبولا خارج الأردن.

بإيجاز شديد، جل الجامعات العربية الرسمية والخاصة تدرس العلوم بغير اللغة العربية. مع أن التدريس في كليات المجتمع بالعربية. بل إن التفكير بالتدريس بالعربية يلقى إعراضا متناميا من الأساتذة والإدارات وأصحاب القرار. ونادرا ما يقبل هؤلاء النقاش في الموضوع، ويعتبرونه مقفلا.

أهداف التعليم العالي

من المفيد أن نرجع إلى الصفحات الرسمية ونقرأ أهداف التعليم العالي كما قننتها التشريعات. ونختار من التشريعات الأردنية على أنها نموذج مناسب. كان إنشاء أول جامعة أردنية، الجامعة الأردنية، سنة 1962. ثم تبعتها جامعة اليرموك سنة 1976؛ ثم جامعة مؤتة سنة 1979. ثم ارتأت الحكومة الأردنية المؤلفة في نيسان 1985 أن تستحدث وزارة للتعليم العالي. فكان لا بد من قانون للتعليم العالي. وفيما يلي أهداف التعليم العالي كما جاءت في هذا القانون رقم 28 لسنة 1985.

المادة (3): يهدف التعليم العالي إلى تحقيق ما يلي:

أ- تنشئة مواطنين مؤمنين بالله، منتمين  لوطنهم وعروبتهم، متحلين بروح المسؤولية، مطلعين على تراث أمتهم وحضارتها، معتزين بهما، متابعين لقضايا الإنسانية وقيمها وتطورها.

ب- تزويد الدارسين بقدر كاف من المعارف والعلوم والمهارات التطبيقية يوفر لهم مستوى من التخصص، يمكنهم من القيام بالواجبات التي تسند إليهم، مع إتاحة الفرصة لهم لتوسيع آفاقهم، واكتساب اتجاهات فكرية وسلوكية تزيد من قدراتهم العقلية، ومعارفهم التخصصية، وميادين نشاطهم وإبداعهم.

جـ- تأمين حاجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من القوى البشرية؛ وخدمة المجتمع وتلبية مطالبه في مختلف أنواع التخصصات، وإيجاد التفاعل والمشاركة والتعاون بين مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات المجتمع الأخرى.

د- دعم البحث العلمي، ورفع مستواه، وتوسيع نطاقه، وربطه بحاجات المجتمع، وخطط التنمية والإنتاج، وحضارة الأمة.

هـ- العمل على تعميم استعمال العربية لغة علمية وتعليمية في مراحل التعليم العالي، وتشجيع التأليف العلمي بها، والترجمة منها وإليها.

و- العناية بإتقان الدارسين لغة أجنبية واحدة على الأقل، لتكون لهم وسيلة للاطلاع على نتائج الأمم الأخرى في ميادين تخصصهم.

ز- توثيق التعاون العلمي والثقافي والفني في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وتوسيع ميادينه، مع الدول والمؤسسات في العالم، وخاصة في الأقطار العربية والإسلامية.

ثم في سنة 2001 تم دمج التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة واحدة، وصدر قانون جديد لهذه الوزارة. ونقتبس منه:

المادة (3): يهدف التعليم العالي إلى تحقيق ما يلي:

أ- إعداد كوادر بشرية مؤهلة ومتخصصة في حقول المعرفة المختلفة التي تلبي حاجات المجتمع.

ب- تعميق العقيدة الإسلامية وقيمها الروحية والأخلاقية وتعزيز الانتماء الوطني والقومي.

جـ- رعاية النهج الديموقراطي وتعزيزه بما يضمن حرية العمل الأكاديمي، وحق التعبير، واحترام الرأي الآخر، والعمل بروح الفريق، وتحمل المسؤولية، واستخدام التفكير العلمي الناقد.

د- توفير البيئة الأكاديمية والنفسية والاجتماعية الداعمة للإبداع والتميز والابتكار وصقل المواهب.

هـ- تنمية الاهتمام بالتراث الوطني والثقافة القومية والعالمية، والاعتناء بالثقافة العامة للدارسين.

و- تعميم استعمال اللغة العربية لغة علمية وتعليمية في مراحل التعليم العالي، وتشجيع التأليف العلمي بها، والترجمة منها وإليها.

ز- المساهمة في تنمية المعرفة في مجال الآداب والفنون والعلوم وغيرها.

ح- تنمية إلمام الدارسين بلغة أجنبية واحدة على الأقل في ميادين تخصصهم، وإكسابهم مهارات مناسبة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات في تلك الميادين.

ط- تشجيع البحث العلمي ودعمه، ورفع مستواه وبخاصة البحث العلمي التطبيقي الموجه لخدمة المجتمع وتنميته.

ي- بناء نواة علمية تقنية وطنية قادرة على تطوير البحث العلمي وإنتاج التكنولوجيا.

ك- إيجاد ارتباط مؤسسي وثيق بين القطاعين العام والخاص من جهة، ومؤسسات التعليم العالي من جهة أخرى، للاستفادة من الطاقات المؤهلة في هذه المؤسسات في تطوير هذين القطاعين عن طريق الاستشارات والبحث العلمي التطبيقي.

ل- توثيق التعاون العلمي والثقافي والفني في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، مع الدول والمؤسسات في العالم، وخاصة في الأقطار العربية والإسلامية؛ وتوسيع ميادينه في الاتجاهات الحديثة والمتطورة.

ونأتي إلى قانون الجامعات الأردنية، رقم 5 لسنة 1998.

المادة (4): الجامعة مؤسسة وطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ذات نفع عام. وتهدف إلى ما يلي:

أ- نشر المعرفة وتطويرها والإسهام في تقديم الفكر الإنساني.

ب- إتاحة فرص الدراسة الجامعية النظرية والتطبيقية.

جـ- القيام بالبحث العلمي وتشجيعه.

د- تطوير المنهج العلمي، والاستقلال الفكري، والمبادرة الشخصية، وتنمية الشعور بالانتماء للوطن وروح المسؤولية، والعمل الجماعي.

هـ- تعميق العقيدة الإسلامية وقيمها الروحية والأخلاقية؛ والعناية بالحضارة العربية الإسلامية ونشر تراثها.

و- خدمة المجتمع الأردني، وتلبية حاجاته، والإسهام في خدمة المجتمع العربي.

وأخيرا، نأتي إلى أول قانون لجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، جامعتي، رقم 31 لسنة 1986.

المادة (3): تهدف الجامعة إلى خدمة المجتمع العربي والإنساني. وتحقيقا لذلك، تعمل على ما يلي:

أ- إتاحة فرص التعليم العالي والتخصص في مختلف الدراسات التطبيقية في ميادين العلوم والتكنولوجيا.

ب- إعداد القوى البشرية المدربة في العلوم الأساسية والتطبيقية مع التركيز على الدراسات العليا منها.

جـ- تنمية البحث العلمي وتشجيعه وتطويره وتنظيمه، ودعم الصلات مع المؤسسات الصناعية والإنتاجية الوطنية، باستخدام نتائج البحوث وتطبيقاتها التكنولوجية، وتقديم الاستشارات العلمية والخدمات الفنية لهذه المؤسسات.

د- دعم التطوير التكنولوجي، واستخداماته التطبيقية في مجالات العلم المختلفة، ومتابعة الإبداعات والتطورات العالمية في هذا المجال، والمشاركة فيها.

ونلاحظ أن هذه المواد فيها كثير من التشابه، مع اختلاف في الزيادات أو الصياغة أحيانا. ونستخلص أهم مخرجات التعليم العالي كما يلي:

1- الخريج. ويركز التشريع على تعميق العقيدة الإسلامية، وانتمائه لوطنه وأمته العربية، واعتزازه بتراثه وحضارته الإسلامية. والمطلوب كوادر بشرية مؤهلة، متخصصة، مزودة بقدر كاف من المعارف والعلوم والمهارات التطبيقية، مثقفة، واسعة الآفاق.

2- الوطن. تزويد الوطن بكوادر من القوى البشرية تسد حاجاته التنموية، وتلبي متطلبات خططه، وتقوده إلى التكامل بين البحث والتطبيق، ومؤسسات التعليم العالي ومؤسسات القطاعين العام والخاص؛ وأن يهتم البحث العلمي بحاجات المجتمع، وخططه، وبحضارة الأمة. وأن يكون الوطن ذا وجود واضح في الخارطة العالمية الإنسانية في الآداب والفنون والعلوم.

3- اللغة العربية. تعميم استعمال اللغة العربية لغة علمية وتعليمية في مراحل التعليم العالي، وتشجيع التأليف العلمي بها، والترجمة منها وإليها. وقد نصت المادة 6/ب من قانون الجامعات الأردنية رقم 5 لسنة 1998 على ما يلي:

"اللغة العربية هي لغة التدريس في الجامعة، ويجوز استعمال لغة أخرى للتدريس عند الضرورة بقرار من مجلس الأمناء".

4- اللغة الأجنبية. ومن أجل الاطلاع على نتائج الأمم الأخرى في ميادين تخصص الخريجين، فقد هدف التعليم العالي إلى إتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل.

التدريس باللغة العربية وتحسين المخرجات

لا توجد دراسات تربط بين تعريب التعليم العالي وتحسين المخرجات، وإن وجدت دراسات فرعية تقارن بين أداء من تعلم بالعربية ومن تعلم بلغة أخرى. ولذلك، ستكون مناقشتنا للموضوع مبنية على التجربة وبعض المقالات والأفكار التي تجمعت من النقاش مع الزملاء وغيرهم على مدى خمسة عقود من التدريس.

نلاحظ  أن اهم مخرجات التعليم العالي (بل وجميع مستوياته) هي في الإنسان – الخريج. وهذا طبيعي، فهذا الكون مسخر للإنسان. "وسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعا منه، غن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (الجاثية 13). ومن المعروف أن اللغة ليست وعاء للفكر فقط، بل هي من سبله، ومنمياته ونشره وإدامته. فالإنسان الذي يعرف لغة ما ستكون ثقافته بما هو مكتوب في هذه اللغة حتى لو كان مترجما. فالذي يعرف العربية، يقرأ مما هو منشور فيها على مدى أكثر من اربعة عشر قرنا؛ وهي واسطته لربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. وهي وسيلته للفهم والاستيعاب والإنتاج والإبداع. وكلما قرأ وتعمق، زاد فهمه، وتذوقه، وتقديره لأعمال الآخرين، مما يحفزه إلى العمل والإبداع. ذاك أن الاستيعاب بلغة الأم اسهل وأسرع وأحرى أن يبقى.

 ولذلك، تكون اللغة من أهم روابط انتمائه لأمته وحضارتها وقيمها. وعلاقة العقيدة الإسلامية باللغة العربية علاقة عضوية، لا يمكن العبث بها. بل نرى أن المسلمين غير العرب يسارعون إلى تسمية أبنائهم اسماء عربية، ويحاولون تعلم شيء من العربية لقراءة القرآن. أو بعد هذا نهجر لغة القرآن؟ ونلاحظ أن المستعمر الفرنسي، على سبيل المثل، حاول بضراوة محو اللغة العربية كلغة تعلم وتعليم، وإحلال لغته محلها. ومحاولة الدولة المستقلة أن تفرض لغتها وجدت المقاومة الشرسة من أبناء الوطن المتشبعين بلغة المستعمر، ولا تزال المقاومة كذلك. وكانت غاياته على النقيض مما ذكرنا من أهداف التعليم العالي، من إضعاف العقيدة، والانتماء للعروبة، والاعتزاز بالحضارة والتراث والقيم العربية الإسلامية.

ونقرأ سنويا قوائم ترتيب الجامعات العلمية. ونكاد لا نجد جامعة عربية في أول الخمسمئة، إلا بطرق تحايل صارت معروفة. وضعف الخريج من الجامعات العربية صار وباء عاما. ولا شك أن له اسبابا عديدة، لكن عدم التعليم بالعربية أحدها. ويخيب أملنا في الخريج الذي لا يحسن التواصل باللغة العربية التي لا يتعلم بها، أو باللغة الإنجليزية المقحمة عليه. ذلك ان التعليم هو خليط سيء من عاميتي اللغتين، مما أطلق عليه "عربيزي" Arabizing. ويتفطر القلب أسى ونحن نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبك أو المغرد (التويتر) أو غيرها، وكذلك تعليقات المعاقين على مادة منشورة الكترونيا عندما يجدها ملأى بالأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية وغيرها. وثالثة الأثافي عندما تكتب العربية بالحروف اللاتينية. أهكذا يعمق الانتماء والاعتزاز والتواصل مع العلوم قديمها وحديثها؟ بل صرنا نتفاخر بأن أبناءنا وبناتنا منذ روضة الأطفال يتعلمون لغة أجنبية، وكأنّ هذا التعلم هو مفتاح التقدم والحضارة والرقي الاجتماعي!

وكيف يتواصل الطبيب أو المهندس أو الصيدلي مع أفراد مجتمعه، وهم لا يعرفون من اللغة الأجنبية إلا القليل، وهو لا يعرف اللغة العربية العلمية ليتواصل بها؟ وهل اللغة الأجنبية تسهل للخريج القيام بالواجبات التي تُسند إليه؟ وكيف يكون الخريج الجامعي منارة علم وهدى وناشرا للمعرفة في مجتمعه، وهو يرطن عليهم بألفاظ غير عربية؟

ولا ننسى النص الصريح بان تكون اللغة العربية لغة التعلم والتعليم، وأن علينا أن نؤلف بها، ونترجم منها وإليها. وعندنا مشكلة أخرى، وهي قلة الكتب المنشورة بالعربية مقارنة بما ينشر بلغات أخرى إلى درجة مخزية! ولاريب أن الكتب العلمية بالعربية قليلة أيضا. أضف إلى ذلك قلة الاهتمام العربي بالقراءة. فحسب تقارير التنمية العربية، يقرأ الفرد العربي ما معدله 6 دقائق في السنة؛ بينما يقرأ الإنجليزي ما معدله 1200 دقيقة سنويا. فكيف إذا صارت لغة العلم غير عربية؟ والإسهام العربي في البحوث العالمية حوالي 2% مقابل 6% هي نسبة العرب إلى العالم. والمحتوى العربي على الشابكة (الانترنت) ذو نسبة متدنية أيضا. فكيف نظهر وجودنا الحضاري والثقافي على مستوى العالم؟

في هذا الزمان الذي صار فيه العالم قرية واحدة، واختفت الحدود أمام وسائل الاتصال الشابكة التكنولوجية الحديثة، وهي تتطور كل يوم، تسعى الأمم والشعوب على أن لا تذوب في محلول عالمي يسيطر فيه الأقوياء، بل إن التحدي صار "أن نكون أو لا نكون، أن نبقى أو أن نندثر". فما هي خيارات دول ضعيفة كالدول العربية؟ وما هي عناصر الحفظ فيها حتى لا تندثر؟ من الواضح أن الجواب هو الإسلام واللغة العربية. فالإسلام دين التوحيد وهو دين موحد. وقد رأينا في القرن العشرين، أن الشعوب الإسلامية التي هيمنت عليها العقيدة الشيوعية، وحكمها الاتحاد السوفيتي بالقمع والإرهاب، محاربا العقيدة الإسلامية واللغة العربية حتى على مستويات بسيطة وفي التفاصيل، وبعد سبعين عاما، عادت إليها شخصياتها وهوياتها بعد انحلال النظام السياسي، وعادت الناس إلى عقيدتها، وصارت تقبل على لغة القرآن. مما يبرهن، دون أدنى شك، على قوة الحفظ للهوية والشخصية الكامنة في العقيدة واللغة.

ملاحظة: سمعت على برنامج بث على قناة "روسية اليوم" يوم الأربعاء 26/9/2012 أن عدد الحجاج من الاتحاد السوفيتي على مدى 45 عاما (1945-1990) كان 900 حاج، بمعدل 20 حاجا في العام. بينما عدد الحجاج من روسية وحدها في العام 2011 زاد على 22000 حاج.

والسعيد من اتعظ بغيره. لقد رأينا الأمم التي رزحت تحت احتلالات بغيضة لعقود من السنين، وحاول الاحتلال محو هويتها بما فيها اللغة، أن هذه الأمم، بعد تخلصها من الاحتلال، سرعان ما جعلت لغتها لغة التدريس في كل  المراحل، ولم  يقبل قادتها المخلصون الواعون عذرا من الأكاديميين، بدعاوى أن لغة المحتل هي لغة العلوم أو بالتأجيل أو بالمرحلية. ولنا في فيتنام وكورية أسوة حسنة.

إن التدريس بالعربية سيدفع المؤلفين إلى تأليف الكتب بالعربية على مختلف المستويات، مما يغني المكتبة العربية، ويكون من آثاره الحميدة انتعاش أسواق مستلزمات النشر البشرية والمادية. وعندما ننشر بحوثنا المتقدمة في الميادين العلمية باللغة العربية، ستترجمه الأمم الأخرى، كما يفعلون حاليا بالبحوث المنشورة بالروسية على سبيل المثل. بإيجاز، إن من أهم مخرجات تعريب التعليم هو الحفاظ على هوية الأمة، وحفر مكان لائق لها بين الأمم. وهذا بحد ذاته، كاف عند أهل الحكمة أن تكون اللغة العربية لغة التدريس الجامعي. وإذا كنا نعتقد بأمة واحدة من المحيط إلى الخليج، وفي زمن اشرأبت فيه أعناق الأقليات (على أني لا أحب هذا المصطلح) إلى توكيد هوياتها، من الأكراد شرقا إلى الأمازيغ غربا، فإن العقيدة الإسلامية واللغة العربية هما الركنان اللذان يحفظان أحلام الوحدة العربية على المستوى الرسمي والشعبي، ويشجعان قيام مؤسسات وحدوية، حتى وإن كانت ضعيفة.

وأقتبس من مقدمة كتاب "علم الاجتماع الآلي" للدكتور علي محمد رحومة، وهو يدافع عن اختياره كلمة "الآلي" بما يلي:

"إن ذلك، بوجه خاص لاعتقادنا أنه بقدر ما تكون أهمية النظريات والمناهج المستخدمة في علم الاجتماع، تبرز أهمية اللغة التي تقدم بها هذه النظريات وتنتهج المناهج وطرق البحث والتحليل السوسيولوجي. وليس من أقرب دليل على هذا من أمر اللغة الإنجليزية. فلولا انصباب معظم علوم العصر والتكنولوجيا في قوالبها، لما كان لها من شأن يُذكر في هذا الزمان، خصوصا من حيث انتشارها واشتهارها. وبذا تعززت الثقافات الناطقة باللغة الإنجليزية في أمريكا وأوروبا وغيرها من بلدان العالم. فما بالنا نحن بلغتنا العربية التي حفظت حضارات الأمم السابقة، وحضارة العروبة والإسلام، ولم تزل تشع بمكوناتها أيما إشعاع.، وتفعيل ثقافة الأمة عن طريقها، وحفز العقل والخيال المجتمعي، وحفظ مسيرة الشعوب، وخطى التنمية والتقدم والتطور المنشود. إن اللغة الفاعلة هي الشعوب الفاعلة في الركب الحضاري الإنساني. فضلا عن جوانب صوغ المعاني والمدركات والمبتكرات والأفكار والتصورات وطرق التفكير والتحليل والمنطق، وتأسيس دعائم العقل. كل ذلك من أمر اللغة، وأس منظومة الحياة فيها، خصوصا باستعمالها في العلم والمنهج".

"وعلى ذلك، تبدو حقيقة هي أشد جلاء الآن في هذا الشأن. وهي أن هناك جوانب ترجح فيها كفة أهمية اللغة على أهمية المضمون العلمي والمنهجي في بعض الأحيان؛ مثل اهمية تنشيط اللغة في حد ذاتها.

التعريب ضرورة تنموية   

التنمية المادية والمعنوية مطلب لكل شعب وأمة. والسؤال هو: هل توجد علاقة بين التنمية والتعريب؟ هذا ما نجيب عليه في الفقرات التالية؛ وهي تلخيص لمحاضرة ألقيتها في مجمع اللغة العربية الأردني في 27/4/1991 بالعنوان " التعريب صرورة تنموية".

التنمية عملية مادية معنوية، تحدث للأفراد كما تحدث للمجتمعات. هدفها التغيير الإيجابي بالمقاييس التي يرتئيها أصحاب الشأن في أمر ما، وهي مقاييس مادية ومعنوية. ويرسي الإسلام قواعد التنمية على العلم والتربية. ولا يكون العلم إلا بالتعلم والتعليم. ودور اللغة في العمليتين أساسي لا غنى عنه. ويبدأ الطفل بالتعلم منذ أول أيام حياته. وتؤثر اللغة التي يسمعها ثم يتعلمها في صياغة وعيه وفكره وشخصيته وهويته. ونقصد بالتربية المناهج يما فيها من أهداف ومحتوى واساليب وتقويم. وطريقة الإسلام في التربية تسير في خطين متوازيين: النظري والتطبيق. ويشمل ذلك القدوة الحسنة، والتدريب الفعال، مع جعل هذه الأعمال من العبادة المطلوبة. "وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون" (الذاريات 56).

واللغة التي يتعلم بها قوم ما هي اللحام الذي يجمع بينهم، ويربط حاضرهم بماضيهم وبمستقبلهم، ويجعل من تراكم المعرفة حقيقة متصلة. ومع أن المعارف العلمية (science) عالمية؛ إلا أن الاختيار من بين ميادينها هو شأن محلي، يتعلق بما يريده شعب او أمة وما يقدر عليه.

ومن أهم ما يحتاج إليه العلم محو الأمية العلمية كما سماها الدكتور محمد عبد السلام. ومع التقدم العلمي والتكنولوجي، فإن المجتمعات المتقدمة تجاوزت العامل الماهر وغير الماهر. فهي بحاجة إلى علماء على مختلف المستويات. ومحو الأمية العلمية يبدأ من السنة المدرسية الأولى إن لم يكن قبل ذلك؛ أي والطفل لا يعرف إلا لغته الأم. وهي لغة محيطه الصغير والكبير. ونلاحظ تركيز برامج التلفاز الموجهة للأطفال على ان تدبلج بالعربية، لتصير هذه اللغة للطفل لغة الفكر والتفكير أيضا.

ومن غايات التنمية الإسهام في إنشاء الحضارة الإنسانية وتقدمها. ولأي حضارة بعدان متلازمان. المحلي والعالمي. وبسبب البعد المحلي تحرص الشعوب والأمم على أن تتميز في حضارتها، حتى لا تذوب في حضارات أقوى وأعلى جلبة. وفي هذا العصر الذي تعلو فيه رايات الحضارة الغربية المادية ومدنيتها، وقوة وجودها الإعلامي والتكنولوجي، وضعف الشعوب العربية والأمة، بعد استعمار طويل، يقرع الحكماء والمخلصون من هذه الأمة أجراس التحذير من التبعية للغرب والذوبان. وبما أن الأسس الدينية والفلسفية والتاريخية والقيمية لأمتنا مختلفة عن تلك التي هي في الغرب اختلافا مبينا، فإن التميز الحضاري لأمتنا واجب على كل فرد في هذه الأمة، دون أن ننسى أن رسالتنا هي عالمية، تصديقا لقوله تعالى :"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (الأنبياء 107). وكما عبر عن ذلك أحسن تعبير ربعي بن عامر لرستم الفارسي قبل معركة القادسية: "إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام". ففي هذه العبارات الثلاث يكمن تميز هذه الأمة ورسالتها وحضارتها، اي بالبعد الإلهي، والإنساني، والأخروي. وللغة العربية القِدح المعلى في هذا التميز.

 ومن السذاجة أن يُظن أن تعريب التعليم سيحل مشكلات التنمية والتقدم العلمي والتكنولوجي. ولكن دور التعريب مهم, ونوجز فيما يلي إسهامات التعريب في التنمية:

1- التعريب يؤدي إلى وحدة فكرية، وذلك يسهم في وحدة ثقافية للأمة العربية، ومنحها شخصية متميزة، وكيانا غير قابل للذوبان.

2- التعريب يربط ربطا ثقافيا وعمليا ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها، وييسر لها الاستفادة من تراثها الحضاري  الهائل، ويمنحها ندية للحضارات البشرية الأخرى، ويكسبها الاحترام العالمي.

3- التعريب يؤدي إلى استيعاب العلم، ويساعد على محو الأمية العلمية. وهذا شرط للثورة العلمية الصناعية التكنولوجية، بما يوفر من كوادر بشرية مؤهلة. ويعاني عالمنا العربي مما سمي "هجرة الأدمغة"، أي هجرة الكوادر البشرية المؤهلة ، وهي بمئات الألوف. كلفت البلايين في بلدانها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. وكأننا ندعم تقدم الأمم الأخرى على حسابنا. وصار الفقير داعما للغني.

4- التعريب يؤدي إلى مجتمع متعلم مثقف، يقدر دور العلم، ويكون القاعدة الأساسية لمجتمع صناعي  متقدم قادر على المنافسة العالمية. ونذكر أرقاما قديمة (من بيانات المؤتمر الإسلامي حول العلم والتكنولوجيا 1983). إذ يوجد في الكيان الصهيوني 34800 باحثا علميا مقابل 4500 لدى الدول الإسلامية جميعا، مع أن نسبة السكان هي 1 : 200. ويمكن مراجعة ترتيب الدول في قائمة المنافسة العلمية كما رتبها "المنتدى الاقتصادي العالمي" لسنة 2012. فقد جاء ترتيب الكيان الصهيوني 26، وجاء الأردن بعده في الترتيب 64، وأخيرا مصر في المنزلة 107.

ويشجع المجتمع العلمي المثقف المبادرة الشخصية والإبداع. فأحمد الباز ومجدي يعقوب ومايكل عطية وأحمد زويل وصلوا إلى القمة العالمية في غير مجتمعاتهم الأصلية. ومنشئ شركة أبل من أب سوري. وإني متأكد أنه لو عاش في سورية لما وصل إلى عشر معشار ما وصل.

5- والتعريب يرفع من مستويات التعليم الجامعي والبحث العلمي. وفي هذا الزمان، الذي يجهد الطالب فيه للحصول على درجة فارغة من المضمون العلمي، يتخرج فلا يتقن العربية أو الإنجليزية، نحتاج إلى بحوث تطبيقية في العربية يستفيد منه المزارع والصناعي. وكان الأمير الحسن قد طرح سؤالا على أعضاء مجلس جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية سنة 1990. وسؤاله هو "ما بالنا نرى ان التقدم الصناعي التكنولوجي في أمريكا، مثلا، مرتبط بالبحث العلمي الجامعي كما نرى في وادي السيليكون في كاليفورنيا، وطريق 128 في بوسطن، بينما لا نرى من ذلك شيئا بين مدينة الحسن الصناعية وجارتها جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية؟"

6- التعريب يسهم في رفد اللغة العربية ولغات الشعوب الإسلامية بالمصطلحات العلمية والتقنية، ويعيد للغة العربية مجدها وانفتاحها على اللغات الأخرى، ويقوي الروابط العلمية والثقافية بين الشعوب الإسلامية.

7- والتعريب يسهم في توفير أموال طائلة تنفق على استيراد الكتب الاجنبية الغالية الثمن، ويؤدي إلى تكنولوجيا عربية متقدمة في الطباعة إخراج الكتب والنشر  وتوسيع آفاق الثقافة والمعرفة.

خلاصة

عودا على بدء. حتى لو كتبتُ وكتب غيري ألوف الصفحات، وتحدث المتحدثون مئات الساعات، فسأظل أستهجن وبل وأستنكر، أن على امثالي أن يسوّغوا تعريب التعليم (العالي) لأحد. لكن المسألة سياسية بامتياز، كما يقال. فالذين يعارضون التعريب بقوة، أو بضعف، او باللامبالاة، هم المشكلة. الأصل ان يُتخذ قرار غير قابل للنقض أو التأويل المماطل، أو التأخير بالتعريب بأسرع ما يمكن. أعلم أنه ستظهر مشكلات في الكتاب والأستاذ والمصطلح وغير ذلك، ولكنها مشكلات فنية، تحل في أثناء التطبيق. وتجربتي الشخصية، أني أعلم منذ 1979 بالعربية مساقات الرياضيات منذ السنة الأولى إلى مستوى الماجستير، بما في ذلك رسالة الماجستير، ولم أجد صعوبة عندي، ولا استغرابا من طلابي. وعندما استقلت فيتنام (الشمالية) طلب زعيمها هوشي منه من أساتذة الجامعة فتمنة التعليم في عام الاستقلال. فقالوا له ذلك مستحيل. فما كان منه إلا ان هددهم بالطرد، وشجعهم على القيام بذلك. فقاموا به. وما فعله مصطفى أتاتورك أكبر من ذلك. فقد أمر بتغيير حروف كتابة اللغة التركية من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية. وتصوروا أن جل علماء تركية آنئذ، ناموا علماء ليصحوا في الصباح جهلاء. (هذه الفكرة من أستاذنا الشيخ المعلم عبد الكريم غرايبة). وبدأت الدولة التركية دون تراث ودون كتب، حتى الذي خرج من المطبعة قبل يوم من التغيير، صار غريبا. وبخاصة انه أمر بتتريك التعليم في جميع مراحله.

وبما أن الإقناع ليس أمرا سهلا عند اللامبالي أو عند من هو عدو لهذه اللغة، فلا بد ان يأتي الأمر بقوة السلطان مع المتابعة والمحاسبة. فعندنا في الأردن، صدر القانون الذي يجعل العربية لغة التدريس، ولكنه خلا من مقومات المتابعة والمحاسبة. ومع أن نص المادة، كما ذكرنا، يوجب موافقة مجلس الأمناء لإحلال لغة أخرى للتدريس، ومعنى ذلك، أن على رئيس الجامعة أن يتقدم قبل بداية كل فصل دراسي بالطلب لتدريس مساق أو أكثر بغير اللغة العربية مع الحجج المقنعة، إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل. ويمضي التدريس بالإنجليزية دون حساب.

وكما تقول أغنية ام كلثوم: "العيب فيكم يا بحبايبكم، أما الحب فروحي عليه". فإن العيب فينا: سياسيين ومشرعين وأساتذة التعليم العالي وإداراته. أما اللغة العربية فروحي لها وعليها. والسؤال الآن، ماذا يمكن أن تفيد هذه الندوة؟ وما هي الخطوات العملية التي ستنتج عنها. ربما نحتاج إلى هيئة جديدة، نسميها "هيئة تعريب التعليم العالي في العالم العربي" من أناس مخلصين قادرين، تخصص لها ميزانية مناسبة، وتضع خطة للطواف على البلدان العربية، ترتب لهم اجتماعات مع أصحاب الشأن في كل بلد عربي، من سياسيين وأكاديميين أساتذة ومسؤولين. وربما تنشأ في كل بلد عربي هيئة فرعية لمتابعة خطوات التعريب. والله الموفق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

ارحيلة، عباس، تعريب التعليم العالي وتيار الفرنكفونية بالمغرب، موقع الكاتب والمفكر عباس ارحيلة.

http://rhilaabas.arabblogs.com/rhila49/archive/2008/1/453578.html

آل عبد الرحمن، خالد بن عبد الغفار، تعريب التعليم الطبي: رؤية واقعية وخطوات عملية، مركز الخدمات الطبية، جامعة الإمام محمد بن سعود، 29 صفر 1431 هـ.

http://www.imamu.edu.sa/support_deanary/medical_center/research/Pages/medicen-in_arib

الأليسكو، تعريب العلوم والتعليم بالعربية، المؤتمر العاشر للتعريب تحت شعار "قضايا تعريب التعليم العالي في الوطن العربي" 20-25 تموز 2008، دمشق.

http://www.voiceofarabic.net/index.php/option=com_content&view

حلواني، فادية المليح، اللغة العربية والعلوم الدقيقة. . . التعريب والتعليم العالي.

http://www.moslimonline.com/print.php?id=7799

خريوش، عبد الرؤوف، تعريب التعليم العالي وأهم المشاكل التي تواجهه، ، صوت العربية، 5/7/2008.


رحومة، محمد علي، علم الاجتماع الآلي، عالم المعرفة، عدد 347، يناير 2008، الكويت.

الرشيد، محمد بن أحمد، التحديات المعاصرة والمستقبلية في التعليم الجامعي في المملكة، الجزيرة.


السمان، سهيرة، مؤتمر تعريب التعليم الجامعي (جامعة دمشق، 6-9 رجب 1402 هـ الموافق 29/4-2/5 /1988)، صوت العربية.

http://www.voiceofarabic.net/index.php?option=com_content&view

السيد، محمود أحمد، إشكالية تعريب التعليم العالي، 20/9/2011.

http://www.veecos.net/portal/index.php?view=artcle&catid

المقرن، ديمة سعد، تعريب التعليم العالي في الدول العربية، كلية اللغات والترجمة، المستوى السابع، بحث مقرر التعريب، الفصل الدراسي الثاني، 1430-1431 هـ.

الملائكة، جميل عيسى، التعريب واختلاق المعوقات، موقع معرفة، منقول من مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

http://marefa.org/sources/index.php/5

نصير، عبد المجيد، التعريب ضرورة تنموية، آفاق استخدام العلوم والتكنولوجيا في التنمية، تحرير إحسان محاسنة وعبد الرحمن فطافطة، نشر المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، حزيران 1992، عمان، ص ص 217-230.

Global Competitive Report, World Economic Forum, 2012-2013.

http:// report.webforum.global-competitive