Wednesday 6 March 2013

أهمية تعريب التعليم العالي في تحسين مخرجاته


أهمية تعريب التعليم العالي في تحسين مخرجاته

الأستاذ الدكتور عبد المجيد نصير

مجمع اللغة العربية الأردني

أستاذ الرياضيات

جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية

 

الملخص

عنوان هذه المقالة غريب مستهجن، بل إنه مستنكر لو طرح على أمة أخرى لها لغتها وثقافتها وحضارتها. وتكرار طرح مثل هذه الأسئلة بحد ذاته مصيبة تضاف إلى مصائب الأمة العربية العظام. لكن تعريب التعليم العالي قضية من قضايا هذه الأمة كجزء من قضيتها العامة في التحرر من الاستعمار والاندفاع نحو الاستقلال التام. وربما علينا أن ندرج قضية تعريب التعليم العالي في جدول مطلوبات الربيع العربي الذي نعيشه.

ومقالتي هذه، كمقالات أخرى كتبتُها وكتب زملاء كرام أمثالها على مدى سنوات طوال، هي مرافعات في محكمة اللغة والهوية والاستقلال والكرامة أمام قضاة هم الخصوم، كتبوا أحكامهم الجائرة قبل أن يسمعونا. وهم أحد صنفين من القضاة ذكرهما الرسول أنهما من أهل الجور: قاض عرف الحق وقضى بخلافه، وآخر جاهل قضى بجهله.

على أي حال، سنرافع عن قضية تعريب التعليم العالي ملتزمين بالعنوان أعلاه، وهو من أجل تحسين مخرجاته، من طلاب، وأساتذة، ولغة متقدمة حية،  وكتب مؤلفة ومترجمة، وبحث علمي، واهتمام بالعلم يفوق الاهتمام بالشهادة، وإبداع يرفع سوية الأمة، والأثر الإيجابي على سوق العمل، وغير ذلك.

مقدمة

نعود إلى العبارة الأولى في الملخص أعلاه. هل من أحد يؤكد لنا وجود مثل هذا الندوات بعناوينها المتقاربة  ومحاورها المختلفة، عند أي أمة أخرى غير الأمة العربية؟ هل يفعل الكوريون، شماليين وجنوبيين، مثل ذلك؟ هل نجد أمثال ذلك عند أهل فيتنام؟ هل فعله مصطفى أتاتورك ومن سار على نهجه في تتريك اللغة العثمانية؟ أم لعله شغل اليهود في فلسطين المحتلة المغتصبة؟ بعدما أحيا دافيد بن اليعازار في نهاية القرن التاسع عشر لغة ميتة، ونبض في عروق قومه الاعتزاز بها، وصارت اللغة الرسمية لدولتهم، ولغة العلم والتدريس الجامعي، ولغة المخاطبة والأدب؛ حتى بلغ عدد من حصل على جوائز نوبل من أهلها ثمانية، منهم اثنان في الأدب! وقد نفتش في اخبار فنلندة وسكانها الملايين الخمسة، وهي عضو في الاتحاد الأوربي، عن أي لغة استعملوها في بحوث شركة نوكيا حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه؟ أهي الإنجليزية، أم الألمانية، أم الفرنسية، أم الروسية أم ماذا؟ 

لا يوجد مثل هذا الانحطاط في التعامل مع لغة من قبل أهلها، إلا عند الأمة العربية. أفهم أن نحاول إقناع غير العرب بأهمية استعمال اللغة العربية، ونسوق حججا مختلفة، ومنها تحسين المخرجات! أما أن نقول ذلك لأنفسنا، فهذا درك من انحطاط الكرامة والاعتزاز والهوية لا مثيل له.

لسنا قبيلة معزولة في أدغال الأمازون، أو في غابات أفريقيا السوداء، ولسنا دولة صنعها الاستعمار الأوربي من عدة قبائل متخلفة، لم تكن عندها حروف لتكتب لغتها المنطوقة، ولذلك وجدت أن لغة المستعمر، الإنجليزية او الفرنسية، هي الخيار الموحد لهذا الكيان الجديد العجيب. فما هي أعذارنا؟

ورث مصطفى أتاتورك وأمته اللغة العثمانية، خليطا من التركية القديمة والعربية والفارسية قليلا، ومن هنا وهناك. كانت غايته أن يوجد أمة تركية من حطام الماضي وبقايا الهزائم ومن ماض مجيد. وبغض النظر عن تقويمنا، من وجهة نظر إسلامية لما فعل، فقد أدخل الحرف اللاتيني، وبدأ بتتريك الألفاظ والقواعد، وأمر بأن يكون التعليم في جميع مراحله بالتركية، وأوجد المجمع اللغوي ليغذي هذه اللغة ويقوي حيويتها. وها هي تركية اليوم، الاقتصاد السابع عشر على المستوى العالمي، بتعليم راق متقدم في جميع مراحله. ولا يفكر تركي بعقد ندوة عن أهمية تتريك التعليم العالي في تحسين مخرجاته!

 أين الخلل؟

إذا كان من خلل فهو إما في اللغة أو في أهلها. وقياسا على لغات أخرى، يكون الخلل في اللغة إذا كانت لغة جامدة، لا تتطور من الداخل، محدودة الألفاظ، ليس لها تاريخ حضاري ثقافي، وليس لها أبجديتها التي تكتب بها. ومن ثم لم تكتب بها كتب أو مخطوطات. أو قد تكون لغة محفوظة بالنقوش، وقد ضاع لفظها، كاللغة المصرية القديمة المحفوظة كتابتها الهيروغليفية.

لكن اللغة العربية على خلاف كل ما ذكر وما لم يذكر. فهي لغة حية، متواصلة الحياة منذ أكثر من عشرين قرنا. لغة نزل بها الوحي فحفظها وحفظته، يتلى صباح مساء في كل أصقاع العالم، ومن كل الأعراق والأجناس. لغة متطورة من الداخل، لأنها لغة اشتقاقية بصيغ كثيرة، ذات أصوات كثيرة لا توجد عند اللغات الأوربية؛ وهي قادرة على هضم ألفاظ أعجمية وتعريبا جرسا ولفظا، وقد فعلت. وهي لغة لها التاريخ الحافل حضارة وثقافة، ومخطوطات وكتبا. حملت كل ميادين المعرفة قديما وحديثا. وأثبتت قدرتها على الصمود والتحدي امام لغات المستعمرين، وهي لغة حاضرة في الحياة، يتحدث بها مئات الملايين يوميا.

 ومع ذلك، ايها الناس، لماذا عليَّ وعلى امثالي أن نقف في مثل هذا الموقف ندافع عن هذه اللغة، ونقنع نفرا من أبنائها، بأنها تستحق أن تكون لغة علومهم وتعليمهم وتعلمهم وتأليفهم على كل المستويات؟

وعلى الرغم من ذلك، نذكر اعتراضات المعترضين على اللغة العربية، وأهمها:

1- ليست اللغة العربية لغة علوم، أو لغة علمية. فالعلوم الحديثة من طب وعلوم تجريبية أو تطبيقية لا تكتب بهذه اللغة. فاللغة الإنجليزية هي الأوسع انتشارا في التأليف والبحوث المنشورة والدراسات العليا.

2- اللغة العربية فقيرة في المصطلحات العلمية،  وحتى الموجود منه نجد فيه اختلافا بين قطر وآخر.

3- عدم توفر الكتب الجامعية لمختلف المستويات، أو عدم تنوعها. وكثير من الموجود سيء الطباعة والإخراج بل والكتابة. وكذلك، عدم وجود المعاجم المتخصصة

4- عدم وجود الأستاذ الجامعي المؤهل للتدريس بالعربية.

وللنقاش، نسأل هؤلاء السادة المخفيين، ما هو تعريفكم للغة العلمية؟ وما هي الشروط الواجب توفرها في لغة ما لتصير لغة علمية؟ علما بأنني لم أجد، على كثرة تفتيشي، تعريفا جامعا مانعا للغة العلمية. ألم تكنْ اللغة العربية لغة العلم العالمية لعدة قرون؟ لقد كتب المؤرخ الأستاذ بوير C. Boyer، مؤلف كتاب "تاريخ الرياضيات "أنه في أوربة حتى القرن السابع عشر لم يعد عالما من لم يعرف العربية". لقد وضعت المصطلحات العربية للمقابلات الأجنبية (وأكثرها يونانية)، وترجمت الكتب، وألفت كتب أخرى بوتيرة غنية. ما أجمل ترجمة ثابت بن قرة لقطوع المخروط عندما ترجم مخطوطة "حول المخروطات" لأبولونيوس، ووضع: القطع الناقص والقطع المكافئ والقطع الزائد.

ثم أيها السادة، أفيدونا هل يقبل الفرنسيون، والألمان، والإسبان ومن يتكلم الإسبانية، والروس، والرومانيون، والبلغار، أن الإنجليزية هي لغة العلم؟ بل إن الفنلنديين الملايين الخمسة يرفضون ذلك، وطبعا يرفض اليابانيون والصينيون والكوريون والفيتناميون، وأمم أخرى ذلك أيضا! ولا أريد ان أذكر العدو الصهيوني وإصراره على اللغة العبرية. وتذكر الموسوعة العبرية نص رسالة بعثها طلاب المعهد التقني (السابق لمعهد التخنيون) إلى الإدارة سنة 1913 عندما سمعوا أن النية تتجه لإحلال اللغة الألمانية محل العبرية لغة للتدريس. وكانت رسالتهم تفيض بالتحدي والغضب والتهديد بترك المعهد إن حُوّل عن لغة الآباء والأجداد!

وأريد ان أؤكد امرين: الأول، هو التعليم بالعربية شيء، والنشر العلمي بالعربية شيء آخر، مع أن بينهما صلة. والأمر الثاني هو أن البحوث الجيدة المنشورة بأي لغة، تترجم إلى اللغات الأخرى. فالأمريكان يترجمون البحوث بالروسية إلى الإنجليزية، والروس يفعلون عكس ذلك.

وثالثة الأثافي في مصيبة اللغة العربية بأبنائها، كما يقال، هو أن الآخرين استغلوا هذا الشوق العربي للاغتراب اللغوي في التعليم الجامعي، ففتحت جامعات في دول لا تعلم أبناءها إلا بلغتها، للطلاب العرب وأمثالهم؛ كما أن جامعات أجنبية افتتحت فروعا لها في البلاد العربية، تجارة، واغتراب، واستهزاء بنا، بل واحتقار، وضحك على الذقون (في بلاد نربى فيها اللحى والذقون).

ومن قال إن عندنا مشكلة مصطلح. إن تعريف المشكلة عند التربويين هو: "موقف جديد ليس له حل جاهز". فهذه مئات الألوف من المصطلحات، قد وضعت من قبل  مجامع اللغة العربية وأفراد ومؤسسات على مدى القرنين الأخيرين منذ المواجهة العلمية مع أوربة، ولا تزال المصطلحات توضع وبخاصة من قبل المترجمين في الصحف والمجلات، وتقرأ وتذاع. لذلك لا توجد مشكلة اسمها "مصطلح".

أما قضايا الكتاب الجامعي والمدرس المؤهل فهي قضايا فرعية يسهل التعامل معها ضمن منظومة التعريب.

وماذا عن الخلل في أهلها؟

هنا الخلل عميق خطير متجذر، تحرسه مؤسسات وقيادات بيدها مفاتيح القرار، ويتقوى يوما بعد يوم بعوامل داخلية وخارجية. ويزداد الخلل ويستفحل، ونحن لا نعالجه. حتى صار قريبا من السرطان في انتشاره، واستحالة معالجته.

يجب أن نفهم أن "قضية التعريب ليست تأليفا وترجمة، أو بحثا عن أصل كلمة. إنما هي قضية تفكير. كيف نفكر؟ وبأي لغة؟ ولماذا؟ وقبل تحديد أداة التفكير، يجب معرفة الذات، من نحن؟ إذ الفكر غالبا لا بد أن يعبر عنه بلغة تتماشى مع تقدم الأمة الحضاري والفكري، لكي تجد لنفسها مكانا بين الأمم تخرجها من ردهات الثبوت والجمود. وهذا يتم فعلا إذا استطعنا أن نحدد لأنفسنا منهجا فكريا بعيدا عن التدخلات الخارجية. فالثقافة والفكر العربي والإسلامي المتجذر منذ أكثر من أربعة عشر قرنا، كفيل بأن يخلق منهجا فكريا يخلص الأمة من بقايا الاستعمار. . . فعلينا أن نجد لغة علمية قادرة على أن تربط الماضي بالحاضر، وتدفع الأمة إلى الأمام والازدهار. وهذا يعني أن ترتبط اللغة بالتفكير. . . أما إذا فكرت الأمة، أي أمة، بعقلها وعبرت عنه بلغة أخرى فإن الهوة ستزداد. . ." (خريوش)

موجز تاريخ التعريب

عربت هذه الأمة جميع المعارف منذ العصر الأموي، ابتداء بتعريب الدواوين. وبقي علماؤها يؤلفون ويدرسون بهذه اللغة منذ بداية القرن الثامن الميلادي. وحصلت مزاحمات بسيطة منذ القرن الحادي عشر من قبل الفارسية، ثم التركية وعلى نطاق ضيق. ولنتذكر عبارة أبي الريحان البيروني، المسلم غير العربي، عاشق العربية المتيم، إذ قال: "الهجو إلي بالعربية أحب إلي من المدح بالفارسية". وحصل قليل من الإبداع والتقدم العلمي التقني في المدة من أواسط القرن الخامس عشر حتى بداية القرن التاسع عشر. وفي الجزء الأول من القرن التاسع بدأت بوادر نهضة علمية على الطراز الأوربي في الدولة العثمانية وفي مصر على يد حاكمها الجديد محمد علي باشا (وكان أميا). وكانت لغة النهضة المصرية هي العربية، على الرغم من أن اصل محمد علي هو ألبانية. فتحت المدارس والمعاهد العليا المتخصصة، وترجمت الكتب وألفت باللغة العربية، مع أن ذلك كان مرتبطا بطموحات محمد علي لتأسيس جيش قوي حديث بتدريباته ومعداته وضباطه، وإنشاء صناعات مرتبطة بالمجهود العسكري للتمويل أو الإمداد. وفي سورية، أنشا الإنجيليون المنصرون "الكلية البروتستانتية السورية" سنة 1866، وبدأت بكلية الطب. ومع أن أكثر الأساتذة كانوا أمريكانا، إلا أن التعليم كان بالعربية. ثم وقعت مصر تحت الاحتلال البريطاني سنة 1882. فتوقفت النهضة العلمية المصرية، بعد ما حلوا الجيش الوطني، ومن ثم لم تعد حاجة للموارد العلمية والصناعية والإنتاجية التي ترفده. وفي الوقت نفسه، أي منذ سنة 1887 غيرت الكلية السورية (التي صار اسمها الجامعة الأمريكية في بيروت سنة 1908) لغة التدريس إلى الإنجليزية. وأدى إلى ان هجرها بعض طلابها، ومنهم أديب اسحاق ويعقوب صروف وجورجي زيدان.

ومع أن محمد علي أوفد البعثات العلمية إلى أوربة، إلا أن ذلك لم يزعزع عقيد القيادة أو العلماء بشأن التدريس بالعربية. ولكن ما أن بدأت الدولة المصرية، بعد الاستقلال المنقوص سنة 1923، تعيد إرسال البعثات إلى أوربة (فرنسة وبريطانية على وجه الخصوص)، حتى عاد هؤلاء المبعوثون ينشرون لغة المستعمرين، ويدعون إلى استنساخ كل الحضارة الأوربية بخيرها وشرها لكي تتقدم مصر. ومن هؤلاء طه حسين كما جاء في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، المنشور سنة 1938. بحجة أن مصر لا تنتسب للشرق العربي الإسلامي، وانها أمة متوسطية، وانتسابها إلى أوربة أقوى وأوثق وأنفع. وهكذا، صار التدريس في الجامعات المصرية بالإنجليزية لموضوعات العلوم الدقيقة والتجريبية والصحية، ولا يزال.

وكان فرمان التنظيمات العثماني الذي صدر سنة 1864 قد أوجب إنشاء مدارس في المدن العثمانية. كما فتحت الدولة مدارس عليا (جامعية) قليلة. وفي دمشق وبيروت فتح معهد للطب وآخر للحقوق. ولكن حملة التتريك التي قام بها الحزب الحاكم، حزب الاتحاد والترقي، جعلت اللغة العربية تبعد عن التعليم العالي. وبعد انسحاب الأتراك مع سنة 1918 وقيام الدولة العربية في دمشق، بدأت حملة محمومة للتعريب في دواوين الدولة وفي معاهد التعليم. وأثمرت هذه الحملة عن تعريب التعليم في سورية في جميع مراحله، على الرغم من الاحتلال الفرنسي. ولا يزال ولله الحمد.

أما قصة المغرب (الأقصى) فهي مأساة لم تنته مع خروج المستعمر الفرنسي. " فقد خطط دهاقنة ذلك الاستعمار لاستئصال هوية المغرب، وتمزيق وحدة أبنائه. ونهجت فرنسة سياسة فرنكوفونية تقوم على بث الثقافة الفرنسية في وجدان سكان المغرب، وعلى محاربة لغة شعبه، ومسخ هوية أهله" (ارحيلة)

" وكانت خطة فرنسة في المغرب أن ينشا من المغاربة أبناء لها، يتحدثون بالفرنسية بصورة تلقائية، يبدعون ويفكرون بها، ويحللون واقعهم من خلال معرفتهم بها، وبذلك ينفصلون تدريجا عن دينهم ولغتهم" (ارحيلة)

وفي المرحلة الأولى (1912-1956) حدد المستعمر الفرنسي أهدافه في ثلاثة أمور:

1- إقصاء اللغة العربية من مجالات المعرفة ومحاربتها بشتى الوسائل.

2- محاربة الدين الإسلامي.

3- تطبيق سياسة التفرقة بين السكان. وكان هذا واضحا في الظهير البربري الذي صدر في 16/5/1930 لإيقاع هوة وتفرقة بين أبناء الأمة الواحدة.

وقد نجح في ذلك نجاحا باهرا على الرغم من المقاومة التي أبداها عدد من العلماء والمخلصين لهوية الأمة.

وتبدأ المرحلة الثانية منذ الاستقلال سنة 1956. وقد ورث المغرب تركة استعمارية ثقيلة. عبر عنها بإيجاز محمد الفاسي كما يلي: "عندما استولت سلطة الحماية على مقاليد الحكم في بلادنا، كان كل ما أحدث في المغرب من ألفه إلى يائه على النمط الفرنسي، وباللغة الفرنسية، وبالأساليب الفرنسية؛ أو بالطابع الإسباني . . . بالقسم الشمالي من الوطن المغربي (ارحيلة). وبدأت معركة التعريب. وأراد المغرب أن يوقف الزحف اللغوي. ودعا عاهل المغرب الملك محمد الخامس إلى أول مؤتمر للتعريب في العالم العربي سنة1961. وفي الفترة 1956 إلى 1989 تم تعريب القضاء والحقوق والعلوم الإنسانية. لكن المواد العلمية الأخرى من علوم دقيقة وتطبيقية لا تزال تدرس بالفرنسية. ويمكن مراجعة بحث د. عباس ارحيلة لمزيد من التفاصيل. وفي خبر بُث يوم 28/9/2012، يذكر أن وكالة التعليم الفرنسي تدير 480 مؤسسة تعليمية في 130 بلدا، منها المغرب. وفيه من هذه المؤسسات 23 تحوي 19 الف طالب. مما يؤكد اهتمام الدولة الفرنسية بمواصلة سيطرة لغتها، وتخريج قيادات تحب هذه اللغة وتواصل دعمها لها.

وقصة الجزائر معروفة وإن كانت أكثر قتامة. ولا تزال العلوم التطبيقية والدقيقة تعلم بالفرنسية. وكذلك الحال في تونس.

وفي الأردن، افتتحت كلية العلوم في الجامعة الأردنية سنة 1965. وكان التدريس بالإنجليزية دون نص على ذلك؛ علما بأن التدريس في كليتي الآداب والاقتصاد كان بالعربية. وبدأت الدراسة في كلية العلوم في جامعة اليرموك سنة 1976. وكان التدريس بالإنجليزية، علما بأن القانون نص على أن يكون التدريس بالعربية، ويجوز عند الضرورة التدريس بلغة أخرى بعد أخذ الموافقات. وهو شرط لم يُراع طيلة مسيرة الجامعات الأردنية. وبعد إنشاء مجمع اللغة العربية الأردني سنة 1976 حاول المجمع أن يساهم في تعريب العلوم. وترجم كتبا تدريسية في الرياضيات والكيمياء والفيزياء والأحياء والجيولوجيا. إلا أن ذلك لم يلقَ قبولا وتطبيقا حتى من قبل الأساتذة المترجمين في جامعتهم (الأردنية)، وإن كانت كتب المجمع المترجمة قد وجدت قبولا خارج الأردن.

بإيجاز شديد، جل الجامعات العربية الرسمية والخاصة تدرس العلوم بغير اللغة العربية. مع أن التدريس في كليات المجتمع بالعربية. بل إن التفكير بالتدريس بالعربية يلقى إعراضا متناميا من الأساتذة والإدارات وأصحاب القرار. ونادرا ما يقبل هؤلاء النقاش في الموضوع، ويعتبرونه مقفلا.

أهداف التعليم العالي

من المفيد أن نرجع إلى الصفحات الرسمية ونقرأ أهداف التعليم العالي كما قننتها التشريعات. ونختار من التشريعات الأردنية على أنها نموذج مناسب. كان إنشاء أول جامعة أردنية، الجامعة الأردنية، سنة 1962. ثم تبعتها جامعة اليرموك سنة 1976؛ ثم جامعة مؤتة سنة 1979. ثم ارتأت الحكومة الأردنية المؤلفة في نيسان 1985 أن تستحدث وزارة للتعليم العالي. فكان لا بد من قانون للتعليم العالي. وفيما يلي أهداف التعليم العالي كما جاءت في هذا القانون رقم 28 لسنة 1985.

المادة (3): يهدف التعليم العالي إلى تحقيق ما يلي:

أ- تنشئة مواطنين مؤمنين بالله، منتمين  لوطنهم وعروبتهم، متحلين بروح المسؤولية، مطلعين على تراث أمتهم وحضارتها، معتزين بهما، متابعين لقضايا الإنسانية وقيمها وتطورها.

ب- تزويد الدارسين بقدر كاف من المعارف والعلوم والمهارات التطبيقية يوفر لهم مستوى من التخصص، يمكنهم من القيام بالواجبات التي تسند إليهم، مع إتاحة الفرصة لهم لتوسيع آفاقهم، واكتساب اتجاهات فكرية وسلوكية تزيد من قدراتهم العقلية، ومعارفهم التخصصية، وميادين نشاطهم وإبداعهم.

جـ- تأمين حاجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من القوى البشرية؛ وخدمة المجتمع وتلبية مطالبه في مختلف أنواع التخصصات، وإيجاد التفاعل والمشاركة والتعاون بين مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات المجتمع الأخرى.

د- دعم البحث العلمي، ورفع مستواه، وتوسيع نطاقه، وربطه بحاجات المجتمع، وخطط التنمية والإنتاج، وحضارة الأمة.

هـ- العمل على تعميم استعمال العربية لغة علمية وتعليمية في مراحل التعليم العالي، وتشجيع التأليف العلمي بها، والترجمة منها وإليها.

و- العناية بإتقان الدارسين لغة أجنبية واحدة على الأقل، لتكون لهم وسيلة للاطلاع على نتائج الأمم الأخرى في ميادين تخصصهم.

ز- توثيق التعاون العلمي والثقافي والفني في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وتوسيع ميادينه، مع الدول والمؤسسات في العالم، وخاصة في الأقطار العربية والإسلامية.

ثم في سنة 2001 تم دمج التعليم العالي والبحث العلمي في وزارة واحدة، وصدر قانون جديد لهذه الوزارة. ونقتبس منه:

المادة (3): يهدف التعليم العالي إلى تحقيق ما يلي:

أ- إعداد كوادر بشرية مؤهلة ومتخصصة في حقول المعرفة المختلفة التي تلبي حاجات المجتمع.

ب- تعميق العقيدة الإسلامية وقيمها الروحية والأخلاقية وتعزيز الانتماء الوطني والقومي.

جـ- رعاية النهج الديموقراطي وتعزيزه بما يضمن حرية العمل الأكاديمي، وحق التعبير، واحترام الرأي الآخر، والعمل بروح الفريق، وتحمل المسؤولية، واستخدام التفكير العلمي الناقد.

د- توفير البيئة الأكاديمية والنفسية والاجتماعية الداعمة للإبداع والتميز والابتكار وصقل المواهب.

هـ- تنمية الاهتمام بالتراث الوطني والثقافة القومية والعالمية، والاعتناء بالثقافة العامة للدارسين.

و- تعميم استعمال اللغة العربية لغة علمية وتعليمية في مراحل التعليم العالي، وتشجيع التأليف العلمي بها، والترجمة منها وإليها.

ز- المساهمة في تنمية المعرفة في مجال الآداب والفنون والعلوم وغيرها.

ح- تنمية إلمام الدارسين بلغة أجنبية واحدة على الأقل في ميادين تخصصهم، وإكسابهم مهارات مناسبة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات في تلك الميادين.

ط- تشجيع البحث العلمي ودعمه، ورفع مستواه وبخاصة البحث العلمي التطبيقي الموجه لخدمة المجتمع وتنميته.

ي- بناء نواة علمية تقنية وطنية قادرة على تطوير البحث العلمي وإنتاج التكنولوجيا.

ك- إيجاد ارتباط مؤسسي وثيق بين القطاعين العام والخاص من جهة، ومؤسسات التعليم العالي من جهة أخرى، للاستفادة من الطاقات المؤهلة في هذه المؤسسات في تطوير هذين القطاعين عن طريق الاستشارات والبحث العلمي التطبيقي.

ل- توثيق التعاون العلمي والثقافي والفني في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، مع الدول والمؤسسات في العالم، وخاصة في الأقطار العربية والإسلامية؛ وتوسيع ميادينه في الاتجاهات الحديثة والمتطورة.

ونأتي إلى قانون الجامعات الأردنية، رقم 5 لسنة 1998.

المادة (4): الجامعة مؤسسة وطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، ذات نفع عام. وتهدف إلى ما يلي:

أ- نشر المعرفة وتطويرها والإسهام في تقديم الفكر الإنساني.

ب- إتاحة فرص الدراسة الجامعية النظرية والتطبيقية.

جـ- القيام بالبحث العلمي وتشجيعه.

د- تطوير المنهج العلمي، والاستقلال الفكري، والمبادرة الشخصية، وتنمية الشعور بالانتماء للوطن وروح المسؤولية، والعمل الجماعي.

هـ- تعميق العقيدة الإسلامية وقيمها الروحية والأخلاقية؛ والعناية بالحضارة العربية الإسلامية ونشر تراثها.

و- خدمة المجتمع الأردني، وتلبية حاجاته، والإسهام في خدمة المجتمع العربي.

وأخيرا، نأتي إلى أول قانون لجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، جامعتي، رقم 31 لسنة 1986.

المادة (3): تهدف الجامعة إلى خدمة المجتمع العربي والإنساني. وتحقيقا لذلك، تعمل على ما يلي:

أ- إتاحة فرص التعليم العالي والتخصص في مختلف الدراسات التطبيقية في ميادين العلوم والتكنولوجيا.

ب- إعداد القوى البشرية المدربة في العلوم الأساسية والتطبيقية مع التركيز على الدراسات العليا منها.

جـ- تنمية البحث العلمي وتشجيعه وتطويره وتنظيمه، ودعم الصلات مع المؤسسات الصناعية والإنتاجية الوطنية، باستخدام نتائج البحوث وتطبيقاتها التكنولوجية، وتقديم الاستشارات العلمية والخدمات الفنية لهذه المؤسسات.

د- دعم التطوير التكنولوجي، واستخداماته التطبيقية في مجالات العلم المختلفة، ومتابعة الإبداعات والتطورات العالمية في هذا المجال، والمشاركة فيها.

ونلاحظ أن هذه المواد فيها كثير من التشابه، مع اختلاف في الزيادات أو الصياغة أحيانا. ونستخلص أهم مخرجات التعليم العالي كما يلي:

1- الخريج. ويركز التشريع على تعميق العقيدة الإسلامية، وانتمائه لوطنه وأمته العربية، واعتزازه بتراثه وحضارته الإسلامية. والمطلوب كوادر بشرية مؤهلة، متخصصة، مزودة بقدر كاف من المعارف والعلوم والمهارات التطبيقية، مثقفة، واسعة الآفاق.

2- الوطن. تزويد الوطن بكوادر من القوى البشرية تسد حاجاته التنموية، وتلبي متطلبات خططه، وتقوده إلى التكامل بين البحث والتطبيق، ومؤسسات التعليم العالي ومؤسسات القطاعين العام والخاص؛ وأن يهتم البحث العلمي بحاجات المجتمع، وخططه، وبحضارة الأمة. وأن يكون الوطن ذا وجود واضح في الخارطة العالمية الإنسانية في الآداب والفنون والعلوم.

3- اللغة العربية. تعميم استعمال اللغة العربية لغة علمية وتعليمية في مراحل التعليم العالي، وتشجيع التأليف العلمي بها، والترجمة منها وإليها. وقد نصت المادة 6/ب من قانون الجامعات الأردنية رقم 5 لسنة 1998 على ما يلي:

"اللغة العربية هي لغة التدريس في الجامعة، ويجوز استعمال لغة أخرى للتدريس عند الضرورة بقرار من مجلس الأمناء".

4- اللغة الأجنبية. ومن أجل الاطلاع على نتائج الأمم الأخرى في ميادين تخصص الخريجين، فقد هدف التعليم العالي إلى إتقان لغة أجنبية واحدة على الأقل.

التدريس باللغة العربية وتحسين المخرجات

لا توجد دراسات تربط بين تعريب التعليم العالي وتحسين المخرجات، وإن وجدت دراسات فرعية تقارن بين أداء من تعلم بالعربية ومن تعلم بلغة أخرى. ولذلك، ستكون مناقشتنا للموضوع مبنية على التجربة وبعض المقالات والأفكار التي تجمعت من النقاش مع الزملاء وغيرهم على مدى خمسة عقود من التدريس.

نلاحظ  أن اهم مخرجات التعليم العالي (بل وجميع مستوياته) هي في الإنسان – الخريج. وهذا طبيعي، فهذا الكون مسخر للإنسان. "وسخر لكم ما في السماوات والأرض جميعا منه، غن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (الجاثية 13). ومن المعروف أن اللغة ليست وعاء للفكر فقط، بل هي من سبله، ومنمياته ونشره وإدامته. فالإنسان الذي يعرف لغة ما ستكون ثقافته بما هو مكتوب في هذه اللغة حتى لو كان مترجما. فالذي يعرف العربية، يقرأ مما هو منشور فيها على مدى أكثر من اربعة عشر قرنا؛ وهي واسطته لربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. وهي وسيلته للفهم والاستيعاب والإنتاج والإبداع. وكلما قرأ وتعمق، زاد فهمه، وتذوقه، وتقديره لأعمال الآخرين، مما يحفزه إلى العمل والإبداع. ذاك أن الاستيعاب بلغة الأم اسهل وأسرع وأحرى أن يبقى.

 ولذلك، تكون اللغة من أهم روابط انتمائه لأمته وحضارتها وقيمها. وعلاقة العقيدة الإسلامية باللغة العربية علاقة عضوية، لا يمكن العبث بها. بل نرى أن المسلمين غير العرب يسارعون إلى تسمية أبنائهم اسماء عربية، ويحاولون تعلم شيء من العربية لقراءة القرآن. أو بعد هذا نهجر لغة القرآن؟ ونلاحظ أن المستعمر الفرنسي، على سبيل المثل، حاول بضراوة محو اللغة العربية كلغة تعلم وتعليم، وإحلال لغته محلها. ومحاولة الدولة المستقلة أن تفرض لغتها وجدت المقاومة الشرسة من أبناء الوطن المتشبعين بلغة المستعمر، ولا تزال المقاومة كذلك. وكانت غاياته على النقيض مما ذكرنا من أهداف التعليم العالي، من إضعاف العقيدة، والانتماء للعروبة، والاعتزاز بالحضارة والتراث والقيم العربية الإسلامية.

ونقرأ سنويا قوائم ترتيب الجامعات العلمية. ونكاد لا نجد جامعة عربية في أول الخمسمئة، إلا بطرق تحايل صارت معروفة. وضعف الخريج من الجامعات العربية صار وباء عاما. ولا شك أن له اسبابا عديدة، لكن عدم التعليم بالعربية أحدها. ويخيب أملنا في الخريج الذي لا يحسن التواصل باللغة العربية التي لا يتعلم بها، أو باللغة الإنجليزية المقحمة عليه. ذلك ان التعليم هو خليط سيء من عاميتي اللغتين، مما أطلق عليه "عربيزي" Arabizing. ويتفطر القلب أسى ونحن نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبك أو المغرد (التويتر) أو غيرها، وكذلك تعليقات المعاقين على مادة منشورة الكترونيا عندما يجدها ملأى بالأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية وغيرها. وثالثة الأثافي عندما تكتب العربية بالحروف اللاتينية. أهكذا يعمق الانتماء والاعتزاز والتواصل مع العلوم قديمها وحديثها؟ بل صرنا نتفاخر بأن أبناءنا وبناتنا منذ روضة الأطفال يتعلمون لغة أجنبية، وكأنّ هذا التعلم هو مفتاح التقدم والحضارة والرقي الاجتماعي!

وكيف يتواصل الطبيب أو المهندس أو الصيدلي مع أفراد مجتمعه، وهم لا يعرفون من اللغة الأجنبية إلا القليل، وهو لا يعرف اللغة العربية العلمية ليتواصل بها؟ وهل اللغة الأجنبية تسهل للخريج القيام بالواجبات التي تُسند إليه؟ وكيف يكون الخريج الجامعي منارة علم وهدى وناشرا للمعرفة في مجتمعه، وهو يرطن عليهم بألفاظ غير عربية؟

ولا ننسى النص الصريح بان تكون اللغة العربية لغة التعلم والتعليم، وأن علينا أن نؤلف بها، ونترجم منها وإليها. وعندنا مشكلة أخرى، وهي قلة الكتب المنشورة بالعربية مقارنة بما ينشر بلغات أخرى إلى درجة مخزية! ولاريب أن الكتب العلمية بالعربية قليلة أيضا. أضف إلى ذلك قلة الاهتمام العربي بالقراءة. فحسب تقارير التنمية العربية، يقرأ الفرد العربي ما معدله 6 دقائق في السنة؛ بينما يقرأ الإنجليزي ما معدله 1200 دقيقة سنويا. فكيف إذا صارت لغة العلم غير عربية؟ والإسهام العربي في البحوث العالمية حوالي 2% مقابل 6% هي نسبة العرب إلى العالم. والمحتوى العربي على الشابكة (الانترنت) ذو نسبة متدنية أيضا. فكيف نظهر وجودنا الحضاري والثقافي على مستوى العالم؟

في هذا الزمان الذي صار فيه العالم قرية واحدة، واختفت الحدود أمام وسائل الاتصال الشابكة التكنولوجية الحديثة، وهي تتطور كل يوم، تسعى الأمم والشعوب على أن لا تذوب في محلول عالمي يسيطر فيه الأقوياء، بل إن التحدي صار "أن نكون أو لا نكون، أن نبقى أو أن نندثر". فما هي خيارات دول ضعيفة كالدول العربية؟ وما هي عناصر الحفظ فيها حتى لا تندثر؟ من الواضح أن الجواب هو الإسلام واللغة العربية. فالإسلام دين التوحيد وهو دين موحد. وقد رأينا في القرن العشرين، أن الشعوب الإسلامية التي هيمنت عليها العقيدة الشيوعية، وحكمها الاتحاد السوفيتي بالقمع والإرهاب، محاربا العقيدة الإسلامية واللغة العربية حتى على مستويات بسيطة وفي التفاصيل، وبعد سبعين عاما، عادت إليها شخصياتها وهوياتها بعد انحلال النظام السياسي، وعادت الناس إلى عقيدتها، وصارت تقبل على لغة القرآن. مما يبرهن، دون أدنى شك، على قوة الحفظ للهوية والشخصية الكامنة في العقيدة واللغة.

ملاحظة: سمعت على برنامج بث على قناة "روسية اليوم" يوم الأربعاء 26/9/2012 أن عدد الحجاج من الاتحاد السوفيتي على مدى 45 عاما (1945-1990) كان 900 حاج، بمعدل 20 حاجا في العام. بينما عدد الحجاج من روسية وحدها في العام 2011 زاد على 22000 حاج.

والسعيد من اتعظ بغيره. لقد رأينا الأمم التي رزحت تحت احتلالات بغيضة لعقود من السنين، وحاول الاحتلال محو هويتها بما فيها اللغة، أن هذه الأمم، بعد تخلصها من الاحتلال، سرعان ما جعلت لغتها لغة التدريس في كل  المراحل، ولم  يقبل قادتها المخلصون الواعون عذرا من الأكاديميين، بدعاوى أن لغة المحتل هي لغة العلوم أو بالتأجيل أو بالمرحلية. ولنا في فيتنام وكورية أسوة حسنة.

إن التدريس بالعربية سيدفع المؤلفين إلى تأليف الكتب بالعربية على مختلف المستويات، مما يغني المكتبة العربية، ويكون من آثاره الحميدة انتعاش أسواق مستلزمات النشر البشرية والمادية. وعندما ننشر بحوثنا المتقدمة في الميادين العلمية باللغة العربية، ستترجمه الأمم الأخرى، كما يفعلون حاليا بالبحوث المنشورة بالروسية على سبيل المثل. بإيجاز، إن من أهم مخرجات تعريب التعليم هو الحفاظ على هوية الأمة، وحفر مكان لائق لها بين الأمم. وهذا بحد ذاته، كاف عند أهل الحكمة أن تكون اللغة العربية لغة التدريس الجامعي. وإذا كنا نعتقد بأمة واحدة من المحيط إلى الخليج، وفي زمن اشرأبت فيه أعناق الأقليات (على أني لا أحب هذا المصطلح) إلى توكيد هوياتها، من الأكراد شرقا إلى الأمازيغ غربا، فإن العقيدة الإسلامية واللغة العربية هما الركنان اللذان يحفظان أحلام الوحدة العربية على المستوى الرسمي والشعبي، ويشجعان قيام مؤسسات وحدوية، حتى وإن كانت ضعيفة.

وأقتبس من مقدمة كتاب "علم الاجتماع الآلي" للدكتور علي محمد رحومة، وهو يدافع عن اختياره كلمة "الآلي" بما يلي:

"إن ذلك، بوجه خاص لاعتقادنا أنه بقدر ما تكون أهمية النظريات والمناهج المستخدمة في علم الاجتماع، تبرز أهمية اللغة التي تقدم بها هذه النظريات وتنتهج المناهج وطرق البحث والتحليل السوسيولوجي. وليس من أقرب دليل على هذا من أمر اللغة الإنجليزية. فلولا انصباب معظم علوم العصر والتكنولوجيا في قوالبها، لما كان لها من شأن يُذكر في هذا الزمان، خصوصا من حيث انتشارها واشتهارها. وبذا تعززت الثقافات الناطقة باللغة الإنجليزية في أمريكا وأوروبا وغيرها من بلدان العالم. فما بالنا نحن بلغتنا العربية التي حفظت حضارات الأمم السابقة، وحضارة العروبة والإسلام، ولم تزل تشع بمكوناتها أيما إشعاع.، وتفعيل ثقافة الأمة عن طريقها، وحفز العقل والخيال المجتمعي، وحفظ مسيرة الشعوب، وخطى التنمية والتقدم والتطور المنشود. إن اللغة الفاعلة هي الشعوب الفاعلة في الركب الحضاري الإنساني. فضلا عن جوانب صوغ المعاني والمدركات والمبتكرات والأفكار والتصورات وطرق التفكير والتحليل والمنطق، وتأسيس دعائم العقل. كل ذلك من أمر اللغة، وأس منظومة الحياة فيها، خصوصا باستعمالها في العلم والمنهج".

"وعلى ذلك، تبدو حقيقة هي أشد جلاء الآن في هذا الشأن. وهي أن هناك جوانب ترجح فيها كفة أهمية اللغة على أهمية المضمون العلمي والمنهجي في بعض الأحيان؛ مثل اهمية تنشيط اللغة في حد ذاتها.

التعريب ضرورة تنموية   

التنمية المادية والمعنوية مطلب لكل شعب وأمة. والسؤال هو: هل توجد علاقة بين التنمية والتعريب؟ هذا ما نجيب عليه في الفقرات التالية؛ وهي تلخيص لمحاضرة ألقيتها في مجمع اللغة العربية الأردني في 27/4/1991 بالعنوان " التعريب صرورة تنموية".

التنمية عملية مادية معنوية، تحدث للأفراد كما تحدث للمجتمعات. هدفها التغيير الإيجابي بالمقاييس التي يرتئيها أصحاب الشأن في أمر ما، وهي مقاييس مادية ومعنوية. ويرسي الإسلام قواعد التنمية على العلم والتربية. ولا يكون العلم إلا بالتعلم والتعليم. ودور اللغة في العمليتين أساسي لا غنى عنه. ويبدأ الطفل بالتعلم منذ أول أيام حياته. وتؤثر اللغة التي يسمعها ثم يتعلمها في صياغة وعيه وفكره وشخصيته وهويته. ونقصد بالتربية المناهج يما فيها من أهداف ومحتوى واساليب وتقويم. وطريقة الإسلام في التربية تسير في خطين متوازيين: النظري والتطبيق. ويشمل ذلك القدوة الحسنة، والتدريب الفعال، مع جعل هذه الأعمال من العبادة المطلوبة. "وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون" (الذاريات 56).

واللغة التي يتعلم بها قوم ما هي اللحام الذي يجمع بينهم، ويربط حاضرهم بماضيهم وبمستقبلهم، ويجعل من تراكم المعرفة حقيقة متصلة. ومع أن المعارف العلمية (science) عالمية؛ إلا أن الاختيار من بين ميادينها هو شأن محلي، يتعلق بما يريده شعب او أمة وما يقدر عليه.

ومن أهم ما يحتاج إليه العلم محو الأمية العلمية كما سماها الدكتور محمد عبد السلام. ومع التقدم العلمي والتكنولوجي، فإن المجتمعات المتقدمة تجاوزت العامل الماهر وغير الماهر. فهي بحاجة إلى علماء على مختلف المستويات. ومحو الأمية العلمية يبدأ من السنة المدرسية الأولى إن لم يكن قبل ذلك؛ أي والطفل لا يعرف إلا لغته الأم. وهي لغة محيطه الصغير والكبير. ونلاحظ تركيز برامج التلفاز الموجهة للأطفال على ان تدبلج بالعربية، لتصير هذه اللغة للطفل لغة الفكر والتفكير أيضا.

ومن غايات التنمية الإسهام في إنشاء الحضارة الإنسانية وتقدمها. ولأي حضارة بعدان متلازمان. المحلي والعالمي. وبسبب البعد المحلي تحرص الشعوب والأمم على أن تتميز في حضارتها، حتى لا تذوب في حضارات أقوى وأعلى جلبة. وفي هذا العصر الذي تعلو فيه رايات الحضارة الغربية المادية ومدنيتها، وقوة وجودها الإعلامي والتكنولوجي، وضعف الشعوب العربية والأمة، بعد استعمار طويل، يقرع الحكماء والمخلصون من هذه الأمة أجراس التحذير من التبعية للغرب والذوبان. وبما أن الأسس الدينية والفلسفية والتاريخية والقيمية لأمتنا مختلفة عن تلك التي هي في الغرب اختلافا مبينا، فإن التميز الحضاري لأمتنا واجب على كل فرد في هذه الأمة، دون أن ننسى أن رسالتنا هي عالمية، تصديقا لقوله تعالى :"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (الأنبياء 107). وكما عبر عن ذلك أحسن تعبير ربعي بن عامر لرستم الفارسي قبل معركة القادسية: "إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام". ففي هذه العبارات الثلاث يكمن تميز هذه الأمة ورسالتها وحضارتها، اي بالبعد الإلهي، والإنساني، والأخروي. وللغة العربية القِدح المعلى في هذا التميز.

 ومن السذاجة أن يُظن أن تعريب التعليم سيحل مشكلات التنمية والتقدم العلمي والتكنولوجي. ولكن دور التعريب مهم, ونوجز فيما يلي إسهامات التعريب في التنمية:

1- التعريب يؤدي إلى وحدة فكرية، وذلك يسهم في وحدة ثقافية للأمة العربية، ومنحها شخصية متميزة، وكيانا غير قابل للذوبان.

2- التعريب يربط ربطا ثقافيا وعمليا ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها، وييسر لها الاستفادة من تراثها الحضاري  الهائل، ويمنحها ندية للحضارات البشرية الأخرى، ويكسبها الاحترام العالمي.

3- التعريب يؤدي إلى استيعاب العلم، ويساعد على محو الأمية العلمية. وهذا شرط للثورة العلمية الصناعية التكنولوجية، بما يوفر من كوادر بشرية مؤهلة. ويعاني عالمنا العربي مما سمي "هجرة الأدمغة"، أي هجرة الكوادر البشرية المؤهلة ، وهي بمئات الألوف. كلفت البلايين في بلدانها حتى وصلت إلى ما وصلت إليه. وكأننا ندعم تقدم الأمم الأخرى على حسابنا. وصار الفقير داعما للغني.

4- التعريب يؤدي إلى مجتمع متعلم مثقف، يقدر دور العلم، ويكون القاعدة الأساسية لمجتمع صناعي  متقدم قادر على المنافسة العالمية. ونذكر أرقاما قديمة (من بيانات المؤتمر الإسلامي حول العلم والتكنولوجيا 1983). إذ يوجد في الكيان الصهيوني 34800 باحثا علميا مقابل 4500 لدى الدول الإسلامية جميعا، مع أن نسبة السكان هي 1 : 200. ويمكن مراجعة ترتيب الدول في قائمة المنافسة العلمية كما رتبها "المنتدى الاقتصادي العالمي" لسنة 2012. فقد جاء ترتيب الكيان الصهيوني 26، وجاء الأردن بعده في الترتيب 64، وأخيرا مصر في المنزلة 107.

ويشجع المجتمع العلمي المثقف المبادرة الشخصية والإبداع. فأحمد الباز ومجدي يعقوب ومايكل عطية وأحمد زويل وصلوا إلى القمة العالمية في غير مجتمعاتهم الأصلية. ومنشئ شركة أبل من أب سوري. وإني متأكد أنه لو عاش في سورية لما وصل إلى عشر معشار ما وصل.

5- والتعريب يرفع من مستويات التعليم الجامعي والبحث العلمي. وفي هذا الزمان، الذي يجهد الطالب فيه للحصول على درجة فارغة من المضمون العلمي، يتخرج فلا يتقن العربية أو الإنجليزية، نحتاج إلى بحوث تطبيقية في العربية يستفيد منه المزارع والصناعي. وكان الأمير الحسن قد طرح سؤالا على أعضاء مجلس جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية سنة 1990. وسؤاله هو "ما بالنا نرى ان التقدم الصناعي التكنولوجي في أمريكا، مثلا، مرتبط بالبحث العلمي الجامعي كما نرى في وادي السيليكون في كاليفورنيا، وطريق 128 في بوسطن، بينما لا نرى من ذلك شيئا بين مدينة الحسن الصناعية وجارتها جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية؟"

6- التعريب يسهم في رفد اللغة العربية ولغات الشعوب الإسلامية بالمصطلحات العلمية والتقنية، ويعيد للغة العربية مجدها وانفتاحها على اللغات الأخرى، ويقوي الروابط العلمية والثقافية بين الشعوب الإسلامية.

7- والتعريب يسهم في توفير أموال طائلة تنفق على استيراد الكتب الاجنبية الغالية الثمن، ويؤدي إلى تكنولوجيا عربية متقدمة في الطباعة إخراج الكتب والنشر  وتوسيع آفاق الثقافة والمعرفة.

خلاصة

عودا على بدء. حتى لو كتبتُ وكتب غيري ألوف الصفحات، وتحدث المتحدثون مئات الساعات، فسأظل أستهجن وبل وأستنكر، أن على امثالي أن يسوّغوا تعريب التعليم (العالي) لأحد. لكن المسألة سياسية بامتياز، كما يقال. فالذين يعارضون التعريب بقوة، أو بضعف، او باللامبالاة، هم المشكلة. الأصل ان يُتخذ قرار غير قابل للنقض أو التأويل المماطل، أو التأخير بالتعريب بأسرع ما يمكن. أعلم أنه ستظهر مشكلات في الكتاب والأستاذ والمصطلح وغير ذلك، ولكنها مشكلات فنية، تحل في أثناء التطبيق. وتجربتي الشخصية، أني أعلم منذ 1979 بالعربية مساقات الرياضيات منذ السنة الأولى إلى مستوى الماجستير، بما في ذلك رسالة الماجستير، ولم أجد صعوبة عندي، ولا استغرابا من طلابي. وعندما استقلت فيتنام (الشمالية) طلب زعيمها هوشي منه من أساتذة الجامعة فتمنة التعليم في عام الاستقلال. فقالوا له ذلك مستحيل. فما كان منه إلا ان هددهم بالطرد، وشجعهم على القيام بذلك. فقاموا به. وما فعله مصطفى أتاتورك أكبر من ذلك. فقد أمر بتغيير حروف كتابة اللغة التركية من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية. وتصوروا أن جل علماء تركية آنئذ، ناموا علماء ليصحوا في الصباح جهلاء. (هذه الفكرة من أستاذنا الشيخ المعلم عبد الكريم غرايبة). وبدأت الدولة التركية دون تراث ودون كتب، حتى الذي خرج من المطبعة قبل يوم من التغيير، صار غريبا. وبخاصة انه أمر بتتريك التعليم في جميع مراحله.

وبما أن الإقناع ليس أمرا سهلا عند اللامبالي أو عند من هو عدو لهذه اللغة، فلا بد ان يأتي الأمر بقوة السلطان مع المتابعة والمحاسبة. فعندنا في الأردن، صدر القانون الذي يجعل العربية لغة التدريس، ولكنه خلا من مقومات المتابعة والمحاسبة. ومع أن نص المادة، كما ذكرنا، يوجب موافقة مجلس الأمناء لإحلال لغة أخرى للتدريس، ومعنى ذلك، أن على رئيس الجامعة أن يتقدم قبل بداية كل فصل دراسي بالطلب لتدريس مساق أو أكثر بغير اللغة العربية مع الحجج المقنعة، إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل. ويمضي التدريس بالإنجليزية دون حساب.

وكما تقول أغنية ام كلثوم: "العيب فيكم يا بحبايبكم، أما الحب فروحي عليه". فإن العيب فينا: سياسيين ومشرعين وأساتذة التعليم العالي وإداراته. أما اللغة العربية فروحي لها وعليها. والسؤال الآن، ماذا يمكن أن تفيد هذه الندوة؟ وما هي الخطوات العملية التي ستنتج عنها. ربما نحتاج إلى هيئة جديدة، نسميها "هيئة تعريب التعليم العالي في العالم العربي" من أناس مخلصين قادرين، تخصص لها ميزانية مناسبة، وتضع خطة للطواف على البلدان العربية، ترتب لهم اجتماعات مع أصحاب الشأن في كل بلد عربي، من سياسيين وأكاديميين أساتذة ومسؤولين. وربما تنشأ في كل بلد عربي هيئة فرعية لمتابعة خطوات التعريب. والله الموفق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع

ارحيلة، عباس، تعريب التعليم العالي وتيار الفرنكفونية بالمغرب، موقع الكاتب والمفكر عباس ارحيلة.

http://rhilaabas.arabblogs.com/rhila49/archive/2008/1/453578.html

آل عبد الرحمن، خالد بن عبد الغفار، تعريب التعليم الطبي: رؤية واقعية وخطوات عملية، مركز الخدمات الطبية، جامعة الإمام محمد بن سعود، 29 صفر 1431 هـ.

http://www.imamu.edu.sa/support_deanary/medical_center/research/Pages/medicen-in_arib

الأليسكو، تعريب العلوم والتعليم بالعربية، المؤتمر العاشر للتعريب تحت شعار "قضايا تعريب التعليم العالي في الوطن العربي" 20-25 تموز 2008، دمشق.

http://www.voiceofarabic.net/index.php/option=com_content&view

حلواني، فادية المليح، اللغة العربية والعلوم الدقيقة. . . التعريب والتعليم العالي.

http://www.moslimonline.com/print.php?id=7799

خريوش، عبد الرؤوف، تعريب التعليم العالي وأهم المشاكل التي تواجهه، ، صوت العربية، 5/7/2008.


رحومة، محمد علي، علم الاجتماع الآلي، عالم المعرفة، عدد 347، يناير 2008، الكويت.

الرشيد، محمد بن أحمد، التحديات المعاصرة والمستقبلية في التعليم الجامعي في المملكة، الجزيرة.


السمان، سهيرة، مؤتمر تعريب التعليم الجامعي (جامعة دمشق، 6-9 رجب 1402 هـ الموافق 29/4-2/5 /1988)، صوت العربية.

http://www.voiceofarabic.net/index.php?option=com_content&view

السيد، محمود أحمد، إشكالية تعريب التعليم العالي، 20/9/2011.

http://www.veecos.net/portal/index.php?view=artcle&catid

المقرن، ديمة سعد، تعريب التعليم العالي في الدول العربية، كلية اللغات والترجمة، المستوى السابع، بحث مقرر التعريب، الفصل الدراسي الثاني، 1430-1431 هـ.

الملائكة، جميل عيسى، التعريب واختلاق المعوقات، موقع معرفة، منقول من مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة.

http://marefa.org/sources/index.php/5

نصير، عبد المجيد، التعريب ضرورة تنموية، آفاق استخدام العلوم والتكنولوجيا في التنمية، تحرير إحسان محاسنة وعبد الرحمن فطافطة، نشر المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، حزيران 1992، عمان، ص ص 217-230.

Global Competitive Report, World Economic Forum, 2012-2013.

http:// report.webforum.global-competitive

 

1 comment:

Unknown said...

مرحبا بالجميع،
اسمي أحمد Asnul بروناي، اتصلت السيد عثمان قرض الشركة مقابل مبلغ القروض التجارية من 250،000 $، ثم قيل لي عن الخطوة الموافقة لي مبلغ القرض المطلوب، بعد المخاطرة مرة أخرى لأنني كنت حتى يائسة بكثير من إقامة الأعمال إلى أكبر مفاجأة لي، وكان الفضل مبلغ القرض إلى حساب حسابي المصرفي في غضون 24 يوما المصرفية بدون أي جهد للحصول على قرض بلدي. فوجئت لأنني كنت تقع أولا ضحية لعملية نصب واحتيال! إذا كنت مهتما تأمين أي مبلغ القرض وكنت موجودا في أي بلد، وأنا أنصحك يمكن الاتصال بالسيد عثمان قرض الشركة عبر البريد الإلكتروني osmanloanserves@gmail.com

معلومات شكل قرض التطبيق
الاسم الأول ......
الاسم الأوسط .....
2) الجنس: .........
3) مبلغ القرض مطلوب: .........
4) مدة القرض: .........
5) البلد: .........
6) عنوان المنزل: .........
7) رقم الجوال: .........
8) عنوان البريد الإلكتروني ..........
9) الدخل الشهري: .....................
10) المهنة: ...........................
11) أي موقع هل هنا عنا .....................
الشكر وأطيب التحيات.
البريد الإلكتروني ديريك osmanloanserves@gmail.com