Monday 28 January 2013

موجز لتاريخ النصيرات في الأردن


موجز لتاريخ عشيرة النصيرات

الأستاذ الدكتور عبد المجيد نصير

اكتسبت عشيرة النصيرات اسمها من الجد (نصير) ، الذي ينتسب إلى جد أعلى هو (النصير) . وهذا الجد من (المرعض) الذي ينتسب إلى (الجلاس)  وهو من (ضنا مسلم) الذي ينتهي إلى عنزة (وهو لقب) بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان . ولمزيد من الدقة نكتب تسلسل الأجيال .

عدنان معد نزار ربيعة أسد مسلم وهب

                                                               الجلاس المحلف

                                                                             زايد (الرولة)

                زايد (الرولة ) الفرجة ، القعاقعة  ، الكواكبة

                                 الجمعان الدغمان

                                                المرعض العلمة

                                                                  الجبران المحمد الشعلان

                                                                 النصير (حوالي 1400 م)

                      ______________________ ___________________

                     النصـَّير (بالفتح)           النصِّير (بالكسر)       الكبوش                الفججة

                                                _______________↓_______________

                                                                                                   

                                          العواد            الشلية           الحماد                الحمود                          

                                 (جد نصيرات الجوف)

                                          

                                    أجيال لا نعلم عنها شيئا

                                      

                                     توبة نصار ، ناصر

                                            نصير

              _________________________________

                                                                        

                 علي                                                 عباس

                                                                       

               مصطفى                                              مصطفى

                                                                        

                أحمد                                                     مهنا                  

                                                            ______↓______

                إبراهيم (حوالي 1740)                  محمد              صالح

تاريخ العشيرة هو سماعي ، وقد مات الذين كانوا يعرفون الأنساب والتاريخ دون أن يسألوا أو يدونوا . وحسب ما سمعت ، فقد كان أجدادنا يسكنون القرى ، وليسوا أهل بادية . وقد ارتحل مجموعة من الإخوة ( سبعة كما يقال) إلى جبل الدروز. وأقاموا هناك فلاحين . وكان لهم صاحب شاب من قرى حوران يأتيهم ضيفا . وفي إحدى ضيافاته تحرش بأختهم وضايقها إلى حد أنها شكت إلى إخوتها ، الذين أقدموا على قتله ، والإدعاء أمام أهله أنه غادرهم عائدا إليهم . ومع الزمن ، لم يقبل أهل الشاب الرواية ، وحاولوا الثأر لابنهم . وبعد سنوات من جو مشحون ، تفرق الأخوة ، فجاء إبراهيم إلى الحصن (وكان لقبه الخطيب لأنه يحسن القراءة والكتابة) ، وأحد إخوته استقر في إبطع شمال درعا ، وغيرهم ذهب إلى فلسطين  ، وآخرون عادوا إلى الجوف .

كان في الحصن عشيرتا الهزايمة والدويري . وتزوج إبراهيم من الهزايمة وصار عديلا للشيخ الدويري الذي كان شيخ القرية . وبعد سنوات عمل إبراهيم مؤامرة ، جرد بها الشيخ الدويري من مركزه ؛ وصار إبراهيم شيخ الحصن . فعزم الشيخ الدويري على قتل إبراهيم بخطة وضعها مع عشيرته ، وأسر بها إلى زوجه التي أعلمت أختها ؛ وبدورها حكت لزوجها . فما كان من إبراهيم إلا أن أخبر أهل زوجته . وكانت النتيجة مناوشات أدت إلى إجلاء عشيرتي الدويري والهزايمة عن الحصن . في هذه الفترة حل بالحصن  أل غنما وأصلهم من الكرك .

في هذه الفترة توسع ظاهر العمر (1685-1775) بإمارته التي كانت شفا عمرو عاصمتها .فأرسل ابنه  أحمد (1728-1775) إلى شرق الأردن . وبنى في تبنة (حاضرة الكورة) قلعة ومسجدا حوالي 1769. وانتقل إلى الحصن وبنى على ظهر تل الحصن قلعة وسورا . وبعد إتمام السور والبوابة التي نصب فيها مشنقة ، طلب من إبراهيم أن يأتيه في صباح اليوم التالي بأحد أبناء النصارى ليعلقه في المشنقة الجديدة . وعاد جدي إلى بيته مهموما . فسألته زوجه عن الأمر ، فأخبرها بالأمر . فما كان منها إلا أن قالت " بالله لا تتقلد خطية أحد تأخذه من حضن أمه أو زوجه . وغدا إذا جاء هذا الظالم فليأخذ أحد أبنائنا ، ويعوضنا الله خيرا " . وفي منتصف تلك الليلة ، إذ بباب جدي يقرع بشدة ، وكان أحمد الزيداني هو القارع ويطلب من جدي أن يفتح له الباب . وعندما فتح وأخبره جدي أن الشاب يكون حاضرا في الصباح ، إذ بهذا الجبار يستعطف ويسأل جدي أن يوصله بأمان إلى الأمير الغزاوي في الغور ، وأن أحمد الجزار ويلاحقهم . وأرسله جدي مع مجموعة من الحرس إلى الغور مع ورقة تحمل ختمه ، وطلب أن يختمها الأمير الغزاوي بعد وصول (الضيف) . وأخذ منه مفاتيح قلعة التل التي كان الطابق الأول منها قد أنجز ، والعمل قائم على الطابق الثاني . وأحس العمال ( وكانوا مسخرين مجانا) بعد زمن باختفاء الزيداني ، وهربوا . ولم يكتمل الطابق الثاني . وسكن إبراهيم التل .

وعندنا وثيقة تاريخها 19 رمضان 1180 هـ الموافق 18 شباط 1766 تذكر أن والي دمشق ، أمير الحج لذلك العام استأجر من شيوخ قرى  اربد ( موسى بن حمد شيخ طائفة بني عبيد ، والشيخ إبراهيم بن مصطفى نصير شيخ قرية الحصن ، والشيخ عبد الله بن عيسى البطين شيخ قرية البارحة ، والشيخ أبو بكر بن صالح كريزم شيخ قرية إربد ) 159 جملا لحمل زخاير(هكذا) الوزير المشار إليه . وهذا الوالي هو عثمان باشا بن عبد الله باشا الكرجي (أصله من جورجية) .كان كتخدا الوالي يوسف العظم (1757-1774) . وحكم دمشق (1760-1771) ، وكان قبل ذلك حاكما على حمص . حارب حلف حاكم مصر علي بيك الكبير وظاهر العمر في عكا وكسراه شر كسرة . ثم زحف على ظاهر العمر بجيش كبير سنة 1774 ، ودامت المعركة من طلوع الشمس إلى ما بعد مغيب الشمس وانتهت بهزيمة الوالي الذي نجا بنفسه سباحة في بحيرة الحولة . وبعدها عزل .

وبعد موت إبراهيم ، تولى الزعامة بعده ابنه محمد . واستدعي إلى دمشق ، وحسب ما جاءنا فإنه سم ومات في الصنمين ، ودفن فيها . وفي طريقه إلى دمشق ضاف جماعة في قرية الحرجلة ، وهي قريبة من الكسوة الذين زوجوه إحدى بناتهم . وحملت منه ، وعقبه في هذه القرية نتبادل وإياهم الزيارات . كما نتبادل الزيارات والمصاهرة مع نصيرات إبطع . وصار الشيخ من بعده أخوه كايد . واجتمع كايد وعبد الله غنما وشيخ من العزام وشريدة رباع (1775-1834) مع مندوب من الحكومة العثمانية في إربد . (حسب الوثيقة أعلاه وكانت غاية الاجتماع اختيار شيخ مشايخ . وأعجب المندوب بكايد وابن غنما ، فحسداهما الآخران،( قرى ناحية إربد قد تعني أن إربد مركز ما ، وإشارات أخرى تدل على أن مزيريب كانت مركزا إداريا ) ، واتفقا على قتلهما . وأطلق شريدة النار على كايد فأرداه قتيلا في منطقة الشيخ خليل في إربد ( منطقة مجمع عمان القديم) . وأنقذت ابن غنما فرسه . وكان ذلك سنة 1825 . على أن شريدة أعدم سنة 1834لآسباب أخرى. وذكر الرحالة سيتزن (1806) والرحالة بيركهارت (1812) أنهما حلا ضيوفا على عبد الله الغانم وأن بيت الشيخ على التل .

وكان لكايد أربعة من الإخوة ، أحدهم أحمد الذي ذهب إلى ناطفة وسكنها ، ونصيرات ناطفة من ذريته . والثالث علي الذي ولد إبراهيم الذي ولد الحجة علياء ولم تلد ، وانتهى عقبه . والرابع عبد الله وله عقب. وكان لكايد ولدان : عبد الرحمن وسعد . وصار سعد شيخا في ناطفة ، ولكن قبره في مرو وذكر لي أبي، رحمه الله، أن أهل مرو كانوا يحرقون البخور عند قبره. وظل عبد الرحمن شيخا في الحصن . وعندما اجتاحت جيوش ابراهيم باشا بن محمد علي سورية سنة 1831 ، شارك جدي عبد الرحمن في جيشه بسرية . ولم يشارك في الثورة على الحكم المصري . ونسبي هو : عبد المجيد بن قاسم بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن . وإخوة سعيد هم محمد (والد عقلة باشا عضو أول مجلس تشريعي في عهد الإمارة 1929 ، وأول رئيس لبلدية الحصن 1910) . وفنيش (والد محمود باشا فنيش ) ، وعلي الملقب بالشولي لأنه كما قيل ظل يرضع من أمه حتى سن سبع سنوات.

وازداد سكان الحصن بوفود قبائل نصرانية عديدة عليها منذ نهاية القرن الثامن عشر . وظل عبد الرحمن ساكنا التل حتى حوالي 1860. وغلبهم على الحصن حلف من محمد الهنداوي وعبد الرحمن حلوش وعبد الله الخليل وعبد العزيز الناصر وأخيه عبد الله . ولتعدياتهم على النصارى أخرجهم مجلس قضاء عجلون من الحصن بوثيقة ( عندي نسخة منها) مؤرخة في 29 ربيع الأول 1286 هـ الموافق تموز 1869 . وعاد عبد الرحمن نصير إلى الحصن .

وعلى ما سبق ، فإن

1- عشيرة النصيرات هم عدنانيون ، ولا يمكن أن يمتوا بالقربى إلى الأوس أو الخزرج وهما قبيلتان قحطانيتان .

2- النصيرات والشعلان من الرولة . وذكر لي أبي ، رحمه الله ، أن شعلانيا توفي في أربعينيات القرن الماضي وليس له عقب ز وبعد قسمة تركته وجدوا أن ابن نصير في الحصن يرث منه . فجاءوا بنصيبه وأعطوه للأقرب من الجد .

3- ربما توجد علاقة وثيقة مع الريالات في السلط دون أن يحفظ تسلسلها .

4- عشائر في فلسطين يمتون بقربى قوية للنصيرات في شويكة ( ولا يستعملون اسم الجد نصير ) وفي العوجا ( ويستعملون الاسم )، ومنهم نازحون في البقعة وأم السماق ومرج الحمام وغيرها .

5- عشيرة النصيرات في صما من أبناء نصير من جد مختلف . ومنهم دار أبوعين ( وسمي كذلك لجمال عينيه) ومعالي الدكتور قاسم أبوعين منهم ، ونصيرات مندح (غرب الطيبة) وآل فليح . ومن آل فليح فرع آل الخطيب ، ومنهم وزير الأوقاف في سورية في ثمانينيات القرن الماضي ، محمد كامل ، وكانوا يعيشون في سال ، ومنهم اللواء المتقاعد محمود فالح الخطيب نائب مدير المخابرات السابق . أما معالي سعود نصيرات فهو من نصيرات ناطفة ( سعود بن عارف بن أحمد بن يوسف بن أحمد بن إبراهيم ).

6- من الأمثال المعروفة " قرش ابن نصير ولا دنه " . وتفسيري له هو أن العملة كانت معدنية ، وهذه إما تزيف أو ينقص من وزنها . وأسهل طريقة لتمييز ذلك هو من رنين (دن) قطعة العملة . والمثل يعني أنه إذا كان القرش (أي العملة) من ابن نصير فهو حقيقي وليس زائفا ، وليس بحاجة إلى الدن .

7- توجد عشيرة كبيرة من نصير ( أو أبو نصير ) في مصر ، ولنا معهم اتصالات . وكان منهم وزير الشؤون البلدية أيام عبد الناصر .

8- عشائر النصيرات في غزة ودير البلح ومخيم النصيرات هم من عرب الحناجرة . ويقال إن جدهم هو الصحابي عكاشة بن محصن بن حرثان بن أسد من بكر بن وائل . والأصل إخوة ثلاثة : نصير جد النصيرات وناصر وياسين ( لقبه قمير) ، وهو جد آل القدومي أو القميري في كفر قدوم . على أنه توجد بعض العشائر ذات اسم النصيرات في عدة أماكن في العالم العربي . وليس عندي أو عند غيري فيما أعلم معلومات دقيقة عن أصولها أو علاقة أنسابها فيما بينها .

9- قد تكون قبيلة عنزة بفروعها الكثيرة أكبر القبائل العربية بانتشارها في الجزيرة العربية وسورية الكبرى والعراق ومصر ووصلت الأندلس على ما ذكر ابن سعيد الأندلسي في "نشوة الطرب" .

وأخيرا يفتخر العنزيون بتاريخ مجيد لهم ابتداء من ذي قار . وعنزة لقب لأنهم حموا دخيلهم ذلك اليوم أي الحرقاء بنت النعمان بن المنذر من ملك فارس. وعنزت تعني لاذت بالحمى ، والتعنز هو الدخيل . وآل السعود وآل الصباح وآل خليفة وآل ثاني من بطون مختلفة من عنزة . ومن عشائر الأردن التي تعود إلى عنزة : العبيدات من المشادقة من ولد علي ؛ والعلي مع العيسى من الدهامشة ؛ والزلايبة مع الحويطات من الخماعلة ؛ والجزازية بالسلط ؛ والغرير من الأشاجعة من المحلف من الجلاس ؛ والمليفي من الأشاجعة ؛ وهليلة مع العبيديين في الكرك . ومن تقاليد عنزة أنهم أول من لبس العقال .وصار للبس العقال وخلعه تقاليد ومعان .وعرضت بريطانية على الأمير النوري بن شعلان دولة مستقلة في الجوف . ثم اختار أن ينضم لدولة ابن سعود في معاهدة معروفة . وآل سعود يتزوجون من أمراء الشعلان ويزوجونهم .

 ونخوة الرولة عموما "خيال العليا" . ونخوة عيال نصير " عوجان ، متعصية السيوف ". ومن مآثر الرولة أنها العشيرة العربية الوحيدة التي سلمت لها عطفتها  على مدى الدهر . والعطفة هودج توضع فيه ابنة الشيخ أو من بنات العشيرة ، يخرجه الشيخ أو العقيد إذا كانت عشيرته في حرب مصيرية وخاف أن يفر فرسان العشيرة وشجعانها . فإن عليهم أن يحموا العطفة ، لأنه إذا أنزلها العدو فلا يحق للعشيرة أن ترفعها أبدا في المستقبل .  والعطفة الآن عند الشيوخ الشعلان . كما أخبرنا أستاذ الأدب العربي القديم في الجامعة الأمريكية في بيروت ، جبرائيل جبور .

 وفي قصة حب رويلية نظم فوزي المعلوف قصيدته الشهيرة

                    رلى عرب قصورهم الخيام              ومنزلـهم   حمـاة    والشـآم

                    غزاة ينشدون الرزق دوما               على صهوات خيل لا تضام

وأخيرا نقول " إن أكرمكم عند الله اتقاكم " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الناس معادن ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا " .   

No comments: